القائمة الرئيسية

الصفحات

تسريب الإمتحانات وإنهيارالمجتمع




مقالات 

بما لا يدع مجالاً للشك  قد جاءت أنباء تسريب إمتحانات الثانوية العامة لعام 2016  بمثابة إعلان شهادة وفاة للتعليم المصري، وخاصة أن هذا الأمر متكرر منذ عدة أعوام، ولا يمكن النظر إلي الغش بنظرة منعزلة عن الواقع، فهو نتيجة طبيعة لفشل منظومة التعليم ككل.

لقد تحولة مهنة المعلم من رسالة سامية إلي مجرد وظيفة لدي الكثيرين،  والمفجع أن سلوك بعض المدرسين قد تحول إلي سلوك أشبه  بسلوك قطاع الطرق من خلال  الإمتناع عن الأداء المهني  بالفصول مع سبق الإصرار  والترصد، لإجبار الطالب علي الدروس الخصوصية؛ ومن هنا  تحول الحارس علي الإخلاق إلي مدمر لها؛ يضع يده عنوة في جيب المعدمين والمسحوقين ليحصل علي إتاوة مقابل أداء دور دفعت الدولة فيه الثمن مسبقًا في صور مرتبات وأجور، وجراء التقاعس عن إنزال العقاب بالمذنبين؛ استفحلت الظاهرة، مما أدي إلي تصدع القيم التربوية  ومن ثم إنهيار نموذج القدوة لدي الطالب والمجتمع معا، ولا يمكن لأي وطن فقد شبابه القدوة أن ينهض.

أما الدلالات الأسوأ هي أن الأمر يعكس بعضًا من حالات النفاق الاجتماعي الرهيب؛ بسبب القبول بالغش كفكرة علي حساب مبدأ تكافئ الفرص، ويعكس أيضًا بعضًا من صور التدين الشكلي، لأن المؤمن الحقيقي لا يقبل بالغش من منظور عقائدي، ومن ثم يعد القبول بسرقة النجاح  أو التفوق  عن طريق الغش علامات من علامات السقوط  في بئر التخلف،  وهذا المناخ هو  البيئة التي يترعرع  فيها الفساد بكل صوره.

من المحزن أن التعليم قد  تحول في قطاعات كثيرة إلي عملية شكلية علي حساب الجوهر، ومن بواعث الأمل أن هناك  بعض المخلصين في حقل المعرفة، علاوة علي عقول الموهبين من الطلاب، ولكن  كحالات فردية تحتاج إلي  ثقافة الأداء الجماعي حتي تأتي الجهود ثمارها، وذلك بالتعاون مع الحكومات الجادة في الإصلاح.

ولا أمل في الوطن بدون إصلاح التعليم؛ وذلك  للقضاء علي الجهل، بالتزامن  مع بث صحيح الدين بثًا في النفوس لزرع الأخلاق كحائط صد ضد الجريمة والإنحلال والتطرف.

تعليقات

التنقل السريع