مقالات
لن يستطيع أحد ينكر أن روسيا دولة عظمي، وأن الاتحاد السوفيتي كان شريكًا للعرب سياسيًا في معركة الكرامة عام 1973م، ولكن هذا الشريك كان ومازال، بطيئًا جدًا في التعاطي مع القضايا العربية، إلا بما يحقق له بعض نقاط التقدم في صراعه مع الغرب.واليوم يفكر الرئيس الروسي بطريقة أكثر بطئًا من السوفيت، وبإسلوب استعماري، وقد ظن أنه بالتدخل العسكري في سوريا سوف ينجح في قصده، بعدما فشلت كل محاولاته في دعم "السفاح " بشار الأسد علي الأرض بطرق غير مباشرة، والغريب أنه جرف الدولة الروسية لتتحرك ضد عقارب الساعة، عندما اصطدم بكل أصحاب الضمائر بالعالم، بدعمه للديكتاتور الذي أزهق مئات الآلاف من الأرواح، ظننا أنه يعيد المجد التليد للسوفيت بالشرق الأوسط.
لقد تأخر الروس في العودة من خلال بوابة أخلاقية عندما رفضو
دعم العراق عام 2003، فلو أن القوات العسكرية التي بسوريا تحركة مبكرًا إلي بغداد منذ
14 عام قبيل الغزو الأمريكي، لتغيرت خريطة المنطقة من الناحية السياسية لصالح روسيا
إقليميا وعالميأ، وما تجرأت الولايات المتحدة الأمريكيةعلي غزو العراق. إن التخاذل
في أزمة العراق كان بمثابة توطئًا مع الغرب، وهذا التحرك آنذاك كان سيتخذ من الشهامة
ستارًا من أجل الحصاد الاقتصادي، مما يمكن الروس من الاستحواذ علي الأسواق العربية
كثمرة يانعة، وبلا عناء، وهذا جوهر الصراع.
وفقدوا من الناحية العسكرية، فرصة لتمدد الأسطول الروسي في معظم
المواني العربية بالبحر المتوسط، بجانب التواجد بطرطوس السورية.واستراتجيا كان من الممكن
للقرار الغائب أن يشل من حركة الإطلنطي في الحظيرة الروسية، بعيد عن حدودها، بنقل الصراع
إلي الشرق الأوسط، وغالبا أن الفرصة البديلة كانت سوف تسفر عن تراجع التواجد الإمريكي
بالكثير من البلدان العربية لصالح الدب العجوز.لا يخفي علي أحد أن الهدف الأول لروسيا
وغيرها من التدخل الحالي هو المصالح، وبعض الأهداف غير المعلنة، ولذا بات علي الروس
التعاطي مع الحل السياسي بعيدًا عن السفاح"بشار" لأنه رهان خاسر، وذلك بالتعاون
مع السعودية، وعلي مصر دعم هذا التعاون، لأن الروس سوف يخسرون الجولة العسكرية،عاجلًا
أم أجلا، علاوة علي تحاشي الإنزلاق نحو حرب عالمية ربما تقع.وعلي الثوار بسوريا التوحد
خلف الجيش الحر لفك شفرات التداخل، وقبول التفاوض، لأن المشكلة ليست سورية فحسب، فهي
صراع دولي بامتياز،
وأما عن الحركات المنسوبة للإسلام فإن عليهم القبول بما تسفر
عنه السياسة، وأن يعلموا أن دين الله لا يحض علي الدماء، وأن الشريعة لا تطبق بالإكراه،
حتي لو تخلوا عن السلاح لصالح جيش وطني جديد، أو ينضموا للعمل تحت راية الجيش الحر،
أو ينسحبوا من المشهد بهدف نزع ورقة التوت عن الأفاعي التي تتخذ منهم حجة للسلب والنهب،
إن كانوا مسلمين حقًا، وإلا فأنهم أكثر خطورة من غيرهم، إذ يمنحون الغطاء السياسي للغرماء
في تقاسم مناطق النفوذ بأرض العرب...تمامًا كما منحت القاعد الإمريكان الفرصة لغزو
إفغانستان لأهداف سياسية واقتصادية تحت شعار محاربة الأرهاب.
فالكثيرون من قادة العالم المتغطرس ؛ يفكرون كعصابات بجمهوريات
"الموز"، ويعتمدون في تسويق استعمارهم للشعوب علي حركات غير ناضجة، ومتعصبة
عن جهل، أو مصنوعة علي أيديهم لتبرير الغزو، وهذا ما يحدث بسوريا والعراق، إذ يخفون
أطماعهم في التوحد نحو فكرة محاربة الأرهاب، مع أنهم أشد من داعش إجرامًا وإرهابًا
عندما يرهبون العالم بآسره بأسلحتهم النووية والكميائية.
تعليقات
إرسال تعليق