دراسات
مستقبل السياحة العربية في خطر؛ بسبب الإرهارب، والصراعات الدولية، وسوء التخطيط.
10,2 % مساحة المنطقة العربية من العالم وتستقبل 05% من فقط السياح
السعوديون أكثر خلق الله إسرافًا, وينفقون ستة
أضعاف السائح الأوروبي، ويليهم الخليجيون.
مصر والأردن والمغرب وتونس من أفضل الدول العربية،
ولكنهم يحققون فوائض مالية ضعيفة.
السياحة العالمية تمثل30% من تجارة الخدمات، وتجلب
عائدات 1٫5 تريليون دولار، والعرب نائمون.
تشهد حركة السياحة نموًا مطردًا على مستوى العالم، فقد
بلغ عدد السياح نحو 946,032 مليون سائح عام 2010، ونحو986,812 مليون سائح في 2011،
ونحو 1,0112 مليار عام 2012م، ونحو 1,056 مليار سائح عام 2013م. وحسب منظمة السياحة العالمية بلغ السائحون نحو 1,135
مليار سائح عام 2014، بينما بلغت العائدات 1٫5 تريليون دولار، بمتوسط إنفاق قدر بنحو
4 مليارات دولار يوميًّا منها تريليون و245 مليونًا من السياحة (إقامة- طعام-
شراب- ترفيه- تسوق) و221 مليار دولار من النقل الجوي،حيث شكلت السياحة نحو 30% من
إجمالي صادرات العالم من الخدمات و 6% من حركة الصادرات الكلية. وتأتي السياحة كخدمة
تصديرية في المرتبة الرابعة بعد الوقود والمواد الكيميائية والمواد الغذائية وبعد السياحة
تأتي صناعة السيارات في المرتبة الخامسة. وهذا يعزز من دور السياحة في دعم
الاقتصاد العالمي ككل؛ لأنها تخلق طلبًا على منتجات متعددة تسهم في رفع معدلات
التشغيل بكافة البلدان.
العرب والسياحة
ويستقبل العالم العربي نسبة ضئيلة جدًّا من حجم السياحة
العالمية لا تتناسب مع قدراته الهائلة في مجالات السياحة الترفيهية، والثقافية،
والعلاجية، والدينية، ففي عام 2010 بلغ السياح بالدول العربية مجتمعة نحو 75 مليون
سائح، وانخفض العدد إلى 67,68 مليون سائح بعام 2011 ونحو 64,22 مليونًا عام2012، وهبط
هذا العدد إلى 60,589 مليون سائح في 2013 وذلك بسبب ثورات الربيع العربي والحروب الأهلية
في سوريا واليمن وعدم الاستقرار بمصر. وهذه الأرقام الهزيلة تبرز حجم المشكلة فعلي
الرغم من أن مساحة الدول العربية 14 كم مربعًا بما يوازي 10,2% من مساحة العالم،
ومساحة فرنسا 550 ألف كيلو متر مربع، وهي
لا تمثل سوى أقل من04 % من مساحة العالم العربي فهي تستقبل سائحين أكبر مما
يستقبله العالم العربي ككل, فقد استقبلت عام
2010م نحو 77,65 مليون سائح ، 81,55 مليون سائح عام 2011، و83,05 مليون سائح 2012،
ونحو 84,726 مليون سائح عام 2013م وهو ما
يوازي 140% من مجمل السياحة العربية، وهذه المقارنة تعكس مدى تخلف العالم العربي
عن استغلال موارده بصورة أمثل, فدولة واحدة تفوقت علي كل العرب.
ميزان السياحة العربية
هناك عدة أمور
يجب مراعاتها حتى يكون الميزان السياحي في صالح العالم العربي، وتتلخص فيما يلي:
أن تكون التدفقات النقدية الورادة من السياح الأجانب أكبر ممَّا ينفقه السياح
العرب بالخارج، وأن تكون الخدمات والسلع التي يستهلكها السائح الأجنبي محلية بأكبر
قدر ممكن, وأن تكون السلع والخدمات بالسعر الاقتصادي، وألا يكون الدعم المحلي إلا
للمواطنين بالدولة المحلية. أما المعضلة القائمة بالبلاد في أن الميزان السياحي في
غير صالح الكثير من البلدان العربية, ومن ثم لا يعد معيار النفقات التي ينفقها
السائح هي المعيار الأمثل لقياس مردودات السياحة على الاقتصاد الوطني إلا بأخذ كل
ماسبق في الحسبان وتنقسم الدول العربية في هذا الشأن إلى عدة شرائح, منها:
دول تحقق فائضًا:
مصر من الدول التي تحقق فائضًا؛ نظرًا لنمو السياحة بها
فقد استقبلت عام 2010م حوالي 14٫7 مليون سائح،
وجاءت بالمركز 18 على مستوى العالم، وفي عام 2014 تراجعت إلى المركز 32 برصيد 9٫6 مليون سائح، ومن حيث العائدات في المركز
جاءت في المركز 38 وأنفق بها السياح الأجانب
نحو 7٫2 ملياردولار، وقد أنفق المصريون بالخارج 3٫1 مليار دولار بما في ذلك الحج
والعمرة، وهذا يعني أن مصر حققت فائضًا قدره 4.1 مليار دولار عام2014م، ويقدر ما
يستهلكه السائح الأجنبي من سلع وخدمات مستوردة بنحو 440 مليون دولار تقريبًا،
بخلاف الدعم الموجود، وهذا يشير إلى أن مصر من الدول التي تحقق فائضًا في الميزان
السياحي، وهذا الفائض قابل للنمو حال الاستقرار السياسي والتخطيط الجيد في مجالات
الاستثمار السياحي.
أما المغرب وحسب البنك الدولي فقد زارها 9,288 مليون سائح
في عام 2010م، وارتفع العدد إلى 10,046 مليون 2013م، وفي عام 2014 جاءت المغرب بالمركز
29 عالميًّا، بجلب 10٫3 مليون سائح، ضخوا في اقتصاد المغرب ما يقرب من 5,5 مليار يورو،
إذ يسهم القطاع السياحي بنحو 8% من الناتج
المحلي الإجمالي للمملكة.
أما السياحة التونسية، تمثل نحو 7% من الناتج المحلي الإجمالي
للبلاد. وحسب البنك الدولي فقد زار تونس نحو
6,903 مليون سائح في 2010، تراجع إلى 4,485 مليونًا في 2011م، واستقبلت تونس 6٫1 مليون
سائح عام 2014، لتصبح بالمركز رقم 44عالميًّا، وتستقطب نحو 5 مليارات دولار، أما
فقد الأردن شكَّل الدخل من السياحة نحو 14% من إجمالي الناتج المحلي. ومقبوضات السياحة
بالأردن نحو2,5 مليار دينار، في حين ينفق الأردنيون في الخارج حوالي 600 مليون دينار
مما يعني تحقيق فائض قدره 1,9 مليار دولار. بيد أن عدم الاستقرار والحوادث الإرهابية
تهدد السياحة بالدول التي تحقق فائضًا.
دول تعاني من تعثر السياحة
فقد ماتت السياحة بالصومال، وسوريا، واليمن، جرّاء عدم الاستقرار،
أما الشريحة الأخرى تعاني من بطء الحركة السياحية بسبب الاضطرابات مثل العراق ولبنان،
علاوة على ليبيا التي لا تمثل رقمًا يُذكر في عالم السياحة حتى في أوقات
الاستقرار، أضف إلي ذلك دولًا لا تستغل إمكانياتها السياحية بقدر ملائم مثل
الجزائر التي زارها نحو 2,070 مليون سائح, وعام 2010 ارتفع لنحو 2,634 مليونًا عام
2012م وهي أعداد هزيلة إذا ما قورنت بحجم الجزائر، كذلك السودان، فقد زارها نحو
495 ألفًا عام 2010، ارتفع إلى 591 ألفًا و350 سائحًا خلال 2013، بإجمالي إنفاق
بلغ 735,501 مليون دولار. وهو مبلغ ضئيل. أما الدول التي ليس لها وجود يذكر على
الخريطة السياحية: موريتانيا، وجيبوتي، وجزر القمر، ومع ذلك هناك فرص للتنمية
السياحية بهذه البلدان حال تحقق الاستقرار.
الدولة التي تحقق عجزًا
يمثل الميزان
السياحي بدول مجلس التعاون الخليجي نموذجًا للعجز الصارخ، فرغم أن المملكة العربية
السعودية تأتي بالمركز 35 عالميًّا، وتحقق عائدًا قدره 8٫2 مليار، إلا أن نفقات
السعوديون بالخارج وضعتها رقم 11 عالميًّا، وبلغ ما أنفقه السعوديون بالخارج نحو 24٫1
مليار دولار، وكان العجز السياحي نحو 19,9 مليار دولار, وهو رقم كبير ويحتاج إلى
تتبع. فالسعوديين قد احتلوا المرتبة
الأولى عالميًّا على مستوى الإنفاق الفردي بالسياحة الخارجية، وقد أنفق 4.5 مليون
سائح سعودي أكثر من 80 مليار ريال حتى أصبحوا الأعلى إنفاقًا على مستوى العالم عام
2014م. وهو ما قدرته منظمة السياحة العالمية بنحو24٫1 مليار دولار.
صورة
سلبية
يمثل الإنفاق
الفردي للسعوديين أقصى درجات البذخ، ومن النماذج المشهورة بالقاهرة أن أحد
الأثرياء تعد له الولائم الباهظة، ولا يتناول منها سوى القليل، ولم يتوقف الأمر
عند الإسراف، فهو يرفض أن يأكل أحد من
العاملين بقايا طعامه أو أن يوزع على الفقراء؛ بحجة أنه لا يجب أن يرتقي البشر إلى
طعامه، وتلقى كميات هائلة من الطعام عقب كل وجبة بصناديق القمامة، والنتيجة أنه
سمح للحشرات والديدان أن تشاركه الطعام بعد أن رفض مشاركة البشر، هذا السلوك
المرضي يتنافى مع تعاليم الإسلام، ولا يمثل الشعب السعودي العظيم، فالمملكة
العربية السعودية هي ثاني أكبر دولة مانحة في العالم، ولكن مثل تلك التصرفات
الفردية غير المبررة تبدد المال العربي.
وتأتي الإمارات
من حيث العائدات في المركز 29 عالميًّا بعائد قدره 11٫6 مليار دولار، ومن حيث الإنفاق
حققت المركز 21 عالميًّا بنفقات بلغت 17٫7 مليار دولار، وهو ما يعني وجود عجز بالميزان
السياحي يقدر بنحو 6,1 مليار، ومما سبق يتضح أن الدولتين أنفقتا نحو 41,8 مليار دولار،
وحققتا عجزًا بالميزان السياحي قدره 21 مليار دولار عام 2014م، وهو أكبر من كل العائدات
التي جنتها كل الدول العربية التي تحقق فائضًا.
ويسير
البشر بالكويت على نفس المنوال، فقد
بلغ متوسط معدل نمو الإيرادات العامة بالكويت للسنوات الـ 12 الماضية، حوالي 16.2%،
بينما بلغ معدل نمو متوسط الإنفاق العام لذات الفترة حوالي 20.4%.،
وهو ما يعني وجود عجز يقدر 4,2%، وتقريبًا نفس الحال بباقي دول الخليج، وهو ما
يحتاج إلى برامج توعية حول أهمية ضبط النفقات الفردية لمواجهة مشكلة انهيار أسعار
النفط، وكذلك لتعظيم العائد الاقتصادي.
ومن الصور السلبية، أن ثراء السياحة العلاجية بالوطن العربي لم يمنع العرب من
إنفاق 27 مليار دولار معظمها بالخارج، من إجمالي 100 مليار دولار ينفقها
العالم على هذه السياحة، وهي من أعلى نسب الإنفاق.
دول
الجوار
وعلى مستوى الجوار الإقليمي تتفوق دولة مثل تركيا إذا ما
قورنت بأي دولة عربية منفردة في مجالات التنمية السياحية، فقد قُدرت عائداتها بنحو
29٫6 مليار دولار عام 2014، وحافظت على ترتيبها في المركز السادس عالميًّا وتسهم دول
مجلس التعاون الخليجي بنسبة 5% من إيرادات تركيا السياحية، وذلك من خلال 582 ألف سائح.
والسائح الخليجي بشكل عام يزور تركيا على مدار العام، ما بين 3 و4 مرات، فضلًا عن
أنه الأكثر إنفاقًا؛ حيث ينفق ما بين 5 و6 آلاف دولار في الزيارة الواحدة مقارنة
بالسائح الأوروبي والذى لا يتعدى حجم إنفاقه الألف دولار. وعدد السياح السعوديين
الذين زاروا تركيا قد ارتفع بنسبة 30 % في عام 2014م. ولم تستطع دولة عربية التفوق
على تركيا رغم الثراء السياحي بالعالم العربي بسبب عشوائية التخطيط.
فرنسا
تزن كل العرب
وبمقارنة فرنسا بكل الدول العربية سوف تتضح الصورة، دولة
واحدة تزن كل العرب، عندما استقبلت 84,726 مليون سائح والعرب يستقبلون نحو 60,589 مليون
سائح فقط، وبما يوازي 140% من حجم السياحة العربية في عام 2014م. ويرجع ذلك بسبب الاستغلال
المثل للموارد والتخطيط العلمي للسياحة، علاوة على تطبيق برامج حماية البيئة. فللحفاظ
على التراث الطبيعي أنشأت فرنسا 7 حدائق وطنية، و156محمية طبيعية، و516 منطقة لحماية
مختلف الكائنات الحية، و429 موقعًا لحماية الكائنات الحية تحت إشراف معهد حماية الساحل،
و43 محمية طبيعية إقليمية تغطي أكثر من ١٢% من المساحة الكلية لفرنسا. وفي عام
2006 قد تم تخصيص 32 مليار يورو لحماية البيئة، أي ما يعادل واحد يورو لكل نسمة. وتمثل
عمليات إدارة المياه العادمة والمخلفات ثلاثة أرباع المصروفات الكلية في هذا الشأن.
وعلى المستوى الدولي وقعت فرنسا على العديد من الاتفاقيات والمعاهدات البيئية، ومنها
تلك التي أعدتها الأمم المتحدة حول المناخ والتعددية البيولوجية والتصحر.
والثقافة الفرنسية قائمة على عدم استغلال السياح ماليًّا،
فعلى الرغم من أنها استقبلت 83 مليون سائح نجد أنها حققت 55٫4 مليارًا فقط. ومن
هنا يتضح أن وجود نظام صارم يضمن عدم استغلال السائح، وضبط الأسعار كانا من أهم
العوامل التي جعلت فرنسا عملاق السياحة الأول في العالم من حيث أعداد الوافدين.
الفائض بالميزان الدولي
للوقوف على حقيقة التطور بدول العالم العظمى سياحيًّا وبتحليل
الأرقام، سوف نجد أن بعض الدول الكبرى تعاني من خلل في العائدات لا يتناسب مع أعداد
السياح الذين زاروها، على سبيل المثال فرنسا التي زارها 83 مليون سائح وهي
الأولى حسب إحصائيات عام 2014م حققت عائدات قدرها 55,4 مليارًا, وأنفق السائحون الفرنسيون بالخارج 47,8 ومن ثم لم تحقق فائضًا سوى 7,6 مليار دولار،
بينما أمريكا التي تأتي بعدها زارها 74٫7 مليون
سائح حققت فائضًا قدره 12,1 مليار دولار, وهو من حيث صافي الإيراد يجعلها أعلى من فرنسا،
في حين أن إيطاليا ورغم أنها الخامس عالميًّا في عدد السياح حقتت أعلي فائض صافٍ
عالميًّا، وبلغ هذا الفائض نحو 22,3 مليار دولار, وبذلك تعد إيطاليا هي الأولي
عالميًّا من حيث العائدات وليس كل الدول السابقة عليها في الترتيب من حيث العدد.
ومن ثم كان الوعي الشعبي عاملًا في تعظيم العائد, وذلك عندما انخفضت نفقات السياح
خارج الوطن.
العجز العالمي
ومن حيث العجز نجد أن الصين هي أكبر الدول التي تعاني من تدهور في الميزان
السياحي، فقد بلغ الفرق بين التدفقات الخارجة والداخلة نحو 108,1 مليار دولار، ويليها
ألمانيا التي بلغ الفرق السالب فيها نحو 46,7 مليار دولار ثم بريطانيا 12,1 مليار
دولار. ولكن هذه الدول تستطيع استرداد تلك النفقات من خلال التفوق الاقتصادي
بالمجالات المتنوعة، وأن إنتاجية العامل لدى تلك البلدان سوف تصبح مرتفعة جرَّاء
جولات الاستجمام والترفيه، وهو عكس الواقع العربي
فلا توجد عوائد للاستجمام تنعكس على إنتاجية العامل.
المستقبل السياحي
حسب بعض الدراسات فإن المنطقة العربية برمتها ستستقبل
195 مليون سائح بحلول عام 2030، وهو ما يزيد ثلاث مرات على العدد الحالي للسياح.
وهذا يتطلب وضع مخططات استثمارية لمواجهة الطلب على السياحة العربية. مع التركيز
على استقطاب السائحين الأكثر إنفاقًا، كالألمان والصينيين والبريطانيين. مع تثقيف
السائح العربي لترشيد نفقاته. كذلك تشجيع السياحة العربية البينية فالعرب أولى
بمال العرب، وذلك إذا بقيت الدولة العربية مستقلة حتى هذا التاريخ في خضم
التكالب الدولي للسيطرة على العالم العربي, وهو ما يعني أن الخطر ليس محدقًا على
السياحة العربية وحدها, بل على استقلال الدول وهو ما يتطلب اليقظة السياسية
والاقتصادية في آن واحد.
المصادر والمراجع
·
بيانات البنك الدولي للأعوام من 2010 حتى 2013م.
·
منظمة السياحة العالمية لعام 2014م.
·
بيانات بعض وزارات السياحة العربية.
·
بعض المواقع الإلكترونية.
تعليقات
إرسال تعليق