القائمة الرئيسية

الصفحات

البرلمانات المصرية قبل ثورة يناير 2011 دمرت الاقتصاد المصري



دراسات

إنفرادات اقتصادية للمدونة

غياب بقايا الطبقة المتوسطة والعقول عن برلمان  2015 أكبر عقبة في طريق النهضة

برلمانات ما قبل الثورة دمرت الاقتصاد، وتسببت في 93% من حجم الدين المحلي.

بسبب فساد التشريعات فقدت مصر نحو 1151,5 مليار جنيه من الحصيلة الضريبية

برامج دعم الطاقة والغذاء بلغت 966,8 مليارًا منها نحو 705,5 مليارًا لصالح الأغنياء

خسائر حوادث الطرق، والأمراض، وتلوث البيئة، أكبر من كل حروب مصر بالقرن العشرين.

البرلمان هو السلطة التشريعية بجمهورية مصر العربية ويتولى اختصاصات مختلفة حسب الدستور، منها سلطة التشريع، وإقرار السياسة العامة للدولة، والخطة العامة للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والموازنة العامة للدولة، ويمارس الرقابة على أعمال السلطة التنفيذية، فهل استطاعت البرلمانات المصرية منذ قيامها في عام 1866، القيام بوظائفها على الوجه الأكمل؟ ومن ثم فالبرلمان هو الحاكم الفعلي للبلاد، بيد أن البرلمانات كانت ورقة في يد السلطة، ثم أصبحت ورقة في يد رأس المال المحتكر؛ ولذا جاءت التشريعات في مجملها لتصب في صالح رأس المال، وهذا يفسر النفقات الباهظة التي تنفق كرشاوى انتخابية للفوز بمقاعد البرلمان، ونظرًا لضخامة الموضوع سوف أكتفي ببعض أنماط من القوانين والتشريعات الفاسدة، وآثارها السلبية في العقد الأخير فقط، وحتى اليوم.

طبيعة النواب السابقين

بعد إزاحة الطبقة المتوسطة من الحياة السياسية ككل، انحصر التمثيل النيابي بيد الأثرياء الجدد، وكثير منهم كونوا ثرواتهم بطرق غير مشروعة، كنواب القروض عام 1995، وذلك عندما حُوكم أربعة أعضاء بمجلس الشعب المصري بتهمة التربح وتسهيل الاستيلاء على أموال من خمسة بنوك. أما نواب الكيف فهي القضية التي ضلع فيها عدد من البرلمانيين في جلب والاتجار بالمخدرات خلال مطلع التسعينيات، والنواب الهاربين من أداء العسكرية، أما "نواب سميحة" هم الثلاثة الذين تورطوا في قضاء سهرة حمراء مع إحدى بائعات الهوى مقابل أن يدفع كل "عضو" 200 جنيهًا, إلا أن "الأعضاء" بعد الانتهاء من التناوب عليها، خفَّضوا "الأجرة" من 600 جنيهًا إلى 150 جنيهًا. أما نواب العلاج علي نفقة الدولة، فقد ظهروا عندما تورط 14 نائبًا في إهدار أكثر 1,5 مليار جنيه، في مخالفات صارخة بمشروع العلاج على نفقة الدولة، والآخرون منهم من ينظر إلى التمثيل النيابي على أنه مسألة شرفية، والمعارضة الحقيقية لم يكن لها دورٌ مؤثرٌ مقابل الأغلبية المطلقة، وبسبب هؤلاء فشلت البرلمانات من خلال ما يلي:

تدمير الحصيلة الضريبية للدولة



لم تكن هناك رؤية اقتصادية في منح الحوافز حسب حاجات البلاد، وكان  الاقتصاد مجرد ضخ أموال في مشروعات عشوائية، أو منح تسهيلات وامتيازات لصالح أفراد، وكمثال فقد أدت التخفيضات الضريبية على الدخول والأرباح والمكاسب الرأسمالية من 40% إلى 20%  منذ صدور  القانون 91 لسنة 2005  إلى فقدان نحو 1151,541 مليار جنيه، وذلك منذ عام 2006/2007 حتى موازنة 30/6/2016م، وكانت الضرائب المفقودة جراء التخفيض تساوي المحصلة، (وهي كالتالي: 58,535  مليار عام 2007، 67,059 مليار عام 2008، 80,255  مليار عام 2009،  76,618 مليار عام 2010، 89,593 مليار عام 2011،  91,245 مليار جنيه عام 2012. ونحو 117,762 مليار 2013، 120,925مليار عام 2014، و169,665مليار بموازنة 2015م، و158.729 مليار بموازنة 2016م) وهو ما جعل الدولة عاجزة عن القيام بوظائفها، وتم ذلك تحت ستار دعائي وحجج واهية. وهذه الخسارة توازي 57% من الدين المحلي بمصر في نهاية مارس 2015م.

عشوائية وسرقة الدعم



لم يكن هناك دورٌ رقابيٌّ يذكر لمجالس الشعب، فقد بلغ دعم الطاقة من 2005/2006 حتى موازنة 2015/2016م نحو 740,378 مليار جنيه. وحسب بعض الدراسات أن 80 % من مستحقي دعم الوقود في مصر يحصلون على 20 % فقط وهو ما يعني تبديد 592,3 مليارًا كنفقات لأثرياء ذهبت لمصانع النواب والقادرين، ومن خلال المتاجرة بأوجاع الفئات الفقيرة كان يتم التسويق لهذا البذخ، في حين أنه كان يمكن تلاشي الآثار السلبية على الفقراء بوضع نظم صارمة ودقيقة تحدد الفقير وتمد له العون, وخاصة أن تقديرات البنك الدولي التي تشير إلى أن إلغاء كافة صور دعم الطاقة في مصر سيزيد من فرص حدوث الفقر بمقدار لا يتعدى 1,4٪، وهذه النسبة ربما توازي نسبة 20% التي توجه للفقراء، والتي تم استبعادها من التكاليف المهدرة بدعم الطاقة.

فوضى دعم السلع الغذائية

وإن كان هذا النوع من الدعم مهم للغاية إلا أن العشوائية والفوضى بددت الكثير منه، وقد بلغ الدعم الموجه للخبز والسلع التموينية نحو226,37 مليار جنيه من عام 2006/2007 حتى موازنة 2014 /2015، وأن جزءًا كبيرًا من هذا الدعم كان لا يصل لمستحقيه بسبب التواطيء في توريد بعض السلع التموينية، وتوريد أصناف رديئة على أنها مطابقة للمواصفات، علاوة على بيع الدقيق المدعم في السوق السوداء حتى تطبيق منظومة الخبز الجديدة عام 2013، وهو ما يعني أن نصف هذه المبالغ تقريبًا كانت تبدد، وكان يمكن توفير نصفها على الأقل حال ترشيد ومنع التلاعب في الحصص المدعمة والتربح منها, وهو ما كان يمكن أن يوفر للدولة 113,185 مليارًا على أقل تقدير، وأن إجمالي مبالغ الدعم المهدرة  في برامج دعم الطاقة والغذاء فقط، جرّاء تقاعس البرلمان عن دوره الاقتصادي والرقابي بلغت نحو705,485 مليار جنيه تقريبًا. وهو ما يوازي  نحو36% من حجم الدين المحلي في نهاية مارس 2015م.



الديون بسبب فشل الرقابة

وكان من المستحيل أن تتحقق التنمية الشاملة في ظل وجود هؤلاء النواب، وأسفر ضعف الرقابة عن دين محلي بنحو 2,016 تريليون جنيهًا، فالأموال المهدرة جرّاء تخفيض الضرائب والدعم بلغت نحو 1,857 تريليون جنيهًا مصريًّا، وهي توازي 93% من حجم الدين المحلي، أما الدين الخارجي بلغ نحو 39,9 مليار دولار بنهاية مارس2015، بسبب هشاشة الرقابة الاقتصادية في ضبط الواردات والصادرات، علاوة على استيراد سلع صناعية تامة الصنع مما أسهم في تقويض الصناعة، هذا مع شل قدرة الدولة من السيطرة الفعالة على حصيلة الصادرات من النقد الأجنبي، وإلزامها بتوفير العملة الصعبة لتمويل واردات رجال الأعمال، وتهريب القروض البنكية إلى الخارج، وبرامج كاذبة لدعم الصادرات، بالتزامن مع تصفية القطاع العام وبيعه بثمن بخس، وذلك بالتواطيء بين المسئولين وكبار الرأسماليين.

انهيار خدمات النقل وكثرة الحوادث


في عام 2014 احتلت مصر المركز الأول عالميًّا في عدد ضحايا حوادث الطرق على مستوى الشرق الأوسط بحوالي 13 ألف قتيلٍ و60 ألف مصابٍ، وحسب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لرعاية ضحايا الطرق، أن مصر تنفق كل عام ما يقرب من 30 مليار جنيه، وهذا يعني أن مصر فقدت في العقد الأخير فقط نحو 130 ألف قتيل، و300 مليار جنيه، جراء تلك الحوادث؛ لأن الطرق أصبحت لا تتحمل الكثافة السكانية والنمو المطرد في عدد المركبات؛ لأن معظمها مصمم عندما كان عدد السكان أقل من 40 مليون نسمة، بسبب توقف مشروعات التنمية التي كانت تهدف إعادة توزيع السكان، عندما تحولت الأراضي الزراعية بمشروع شباب الخرجين إلى منح لكبار المسئولين، وأعضاء البرلمان، مع المضاربة بالأراضي بالمدن الجديدة، وهو ما قتل عمليات إعادة التوزيع.

إهمال الخدمات الصحية


بسب غياب المواطن عن دائرة أعضاء البرلمان، تراجعت الخدمات الصحية، ومن الإحصائيات التي تدعو للأسف أن نحو 30 مليون مصريًّا مصابون بالأمراض المزمنة والخطرة وفى مقدمتها السكر والقلب وفيروس الكبد الوبائي، والكلى، ولم يسلم الأصحاء من السطو علي أعضائهم البشرية، كالكلية والكبد، واحتلت مصر المركز الثالث عالميًّا في تجارة وزراعة الأعضاء البشرية غير المشروعة، وللهروب من الفقر باع المعدمون الكلية بنحو 3000 دولار أمريكي، فإذا بهم يفرون للموت، حيث إن 78% من المتبرعين يعانون من تدهور الحالة الصحية بعد العمليات الجراحية، وما قبضوه لن يمكنهم من العلاج.

تلوث الغذاء


واقترن كل ذلك بتلوث الغذاء، بسبب الاستخدام غير الصحيح لمياه الصرف الصحي فيري بعض الزراعات، وتربية الأسماك، وأصبحت مصر من أكبر الأسواق العشوائية في تجارة المبيدات المغشوشة لأنه بها90% من هذه المبيدات، منها 12 مبيدًا إسرائيليًّا ضارًّا بالبيئة والإنسان، ومن الأحداث المؤسفة بيع لحوم الحمير للبشر على أنها لحوم صالحة للاستهلاك الآدمي، وكمثال واحد فقط، في يونيو 2015 تم ضبط بمركز طامية بمحافظة الفيوم مزرعة لتربية "الحمير" بهدف ذبحها وبيعها للبشر، وأثبتت التحريات أنه تم ذبح 23 آلاف حمار خلال عامين وردت لمنافذ البيع والمطاعم الكبرى بالقاهرة الكبرى.

تدهور التعليم


وقمة الفساد برز في تدهور التعليم، وتجلى ذلك بسرقة البعض للرسائل العلمية للحصول على درجة الدكتوراه، أو شراء الشهادات المزورة من الخارج، بالتزامن مع انهيار التعليم الفني والأساسي، مع ظهور التعليم الموازي متمثلًا في تكلُفة الدروس الخصوصية, ومصروفات المدارس الخاصة, والكتب الخارجية, والأدوات والمستلزمات المدرسية، وقدرت المبالغ التي تنفق على  الدروس الخصوصية بالثانوية العامة وحدها بنحو16,056 مليار جنيه. ومن ثم تراجعت معدلات التنمية البشرية، وبسقوط التعليم ماتت الثقافة، وغاب الوعي، وكلما سبق مسئولية البرلمانات السابقة إما بالتواطيء والمشاركة، أو جرّاء الإهمال الجسيم. ومن هذا العرض المختصر يتضح أن البرلمانات قبل يناير بتقاعسها دمرت مصر، ومسئولية أعضائها لا تقل عن مسئولية السلطة التنفيذية، وأن إجمالي الخسائر البشرية والاقتصادية تفوق خسائر مصر في كل حروبها بالقرن العشرين، ولذا يعد البرلمان المصري قبل 25 يناير 2011 هو البرلمان الوحيد في العالم الذي نجح في تدمير بلاده  .
برلمان 2015


والمشكلة التي تكمن في انتخابات عام 2015 أن الطبقات المتوسطة وأصحاب الخبرات السياسية لا يستطيعون خوض انتخابات يدار جزء منها عبر المال السياسي، والجزء الآخر عن طريق دغدغة المشاعر الدينية عبر رجال وإن كانوا أتقياء ولكنهم لا يصلحون للعمل البرلماني، وهو ما ينذر بتكرار أخطاء المجالس السابقة، ومن الوارد أن يسقط البرلمانيون السلطة التنفيذية والدولة إذا اقتصر دورهم على التصفيق والموافقة، ولا سبيل لإنقاذ البلاد من الانهيار سوى أن يتوافق البرلمان مع السلطة على تحقيق العدالة الاجتماعية، وإعلاء مبدأ تكافيء الفرص، والقضاء على الفساد بلا مواربة، وتعديل التشريعات الضريبية، بيد أن الكثيرين يرون صعوبة ذلك لأن المقدمات السيئة لا تنتج مخرجات جيدة.



(المراجع والمصادر– بيانات وزارة المالية، التقرير المالي الشهري، عدد فبراير 2012+ التقرير الشهري لـ ديسمبر عام 2014 + بعض المواقع الإلكترونية)

تعليقات

التنقل السريع