القائمة الرئيسية

الصفحات

هل ينجح تنظيم الدولة في تفتيت روسيا ؟




                              مقالات


رغم ندرة المعلومات عن تنظيم الدولة الإسلامية المرفوض عربيًا، والمتهم عالميًا بممارسة أعمالاً إرهابية،  إلا إنه يذكر أن تنظيم الدولة الإسلامية قد تكون بالعراق في 15 أكتوبر 2006م،  إثر اجتماع مجموعة من الفصائل المسلحة ضمن معاهدة حلف المطيبين وتم اختيار "أبا عمر" زعيما له،  وبعدها تبن  التنظيم العديد من العمليات النوعية داخل العراق آنذاك، وعقب الثورة السورية ، تم تشكيل جبهة النصرة لأهل الشام بنهاية عام 2011، ليسيطر التنظيم على مناطق في محافظات الرقة، وحلب، وريف اللاذقية، ودمشق وريفها، ودير الزور،  وحمص، وحماة،  والحسكة، وإدلب، ويتفاوت التواجد والسيطرة العسكرية من محافظة لأخرى؛ وذلك حتى تدخل روسيا عسكريا في العمليات الحربية يوم الخميس 1 /10 /2015م بقصف بعض المواقع المناهضة لنظام بشار الأسد.

وأيا كانت الأسباب والدوافع التي مهدت لتكوين حلف بغداد الذي يضم العراق وإيران وروسيا والنظام السوري بهدف معلن هو  جمع معلومات استخبارتية وأمنية لمحاربة التنظيم، وهدف مستتر وهو دعم مصالح روسيا وإيران عسكريا،  فمن المتوقع بأن يؤدي  تدخل "بوتن" في سوريا إلي توحد المعارضة السورية المسلحة ككل، وفي خضم الصراع، ربما تفرز المواجهات العسكرية عمليًا عن وجود جبهتين يكون تنظيم الدولة فيها؛ هو رأس الحربة في ميدان القتال، وطرفًا فاعلا  في خدمة المصالح الغربية من خلال تلاقي الإيدلوجيات تلاقيًا مرحليًا بسبب أن الغرماء للطرفين في معسكر واحد، ومن ثم سوف تنحصر تهمة الأرهاب تدريجيًا عن التنظيم حسب حدة الصراع، ومن هنا جاء تدخل روسيا بمثابة قبلة الحياة في جسد التنظيم.

وحسب قوانين الصراعات  المتداخلة من الوارد أن  تجمد الولايات المتحدة وحلفائها العمليات العسكرية ضد تنظيم الدولة، ودعمه في الخفاء، لاستنزاف روسيا تمهيداً للخلاص منهما معا، أسوة بما حدث أثناء الغزو السوفيتي لإفغانستان 1979م. وخاصة أن الدماء التي سفكت بسوريا  قد تمنح المعارضة والتنظيم دعمًا  معنويًا علي مستوي العالم، وماديا علي مستوي معظم أهل السنة في كل مكان.

وربما يكون الغرور هو مقبرة الزعيم الروسي "بوتن"، الذي تزامن في فتترات حكمه تعافي روسيا اقتصاديا، وإن كان هذا التعافي يرجع في المقام الأول للقدرات الاقتصادية الهائلة للدولة الروسية، وأيضًا بسبب التخلص من الأعباء الثقيلة  للأمبراطورية السوفيتية، بيد أن هذا التدخل يعد استرجاعًا لهذه الأعباء مع دوران عجلة الحرب، وهو ما يهدد بنسف روسيا، من الداخل، جراء تذمر ما يقرب من 13 دولة إسلامية ضمن الاتحاد الروسي، وخاصة أن المسلمين الروس أغلبيتهم من أهل السنة من أتباع المذهبين الحنفي والشافعي،  وكما أدي غزو افغانستان لتفكيك الاتحاد السوفيتي، من الوارد أن يؤدي تدخل "بوتن" إلي تفكك روسيا، وإن كان العقلاء في الشرق لا يرحبون بذلك؛ لأن عدم الاستقرار ينعكس علي العالم بآثره، بيد أنه في عالم السياسة تبدو تلك هي الفرصة الذهبية في نظر الإمريكان للتخلص من روسيا القيصرية إلي الأبد عن طريق دعم  تنظيم الدولة والمعارضة، وإطلاق سراح المخابرات للعمل المضاد علي الأراضي الروسية.


أما نحن في الشرق قد اعتادنا علي الهرولة نحو هذا أو ذاك، في حين أن القوة الغاشمة لدي الكبار جميعًا هي قوة بطش، ولا فرق فيها  بين الشرق والغرب، ولذا يجب علي العرب، والمسلمين التوحد نحو فكرة المصالح الوطنية،  ونبذ الأرهاب من خلال تدمير القواعد الفكرية التي تؤسس للعنف والدماء لصالح العقل، والمنطق، وذلك بالفكر المستنير،  والتراجع عن الدوران في فلك الأقطاب الكبري قبل فوات الآوان. 

وإن كانت الطائفية  كفكر بغيض سوف تمنع العقول من التبصر، إلا أن فقدان الأمل ضد طبيعة الحياة فربما يأتي الفرج من رحم المعاناة.

تعليقات

التنقل السريع