القائمة الرئيسية

الصفحات


                                     مقالات


تختلف الآراء و تتباين حول ذلك العدو ،  لدرجة أنك سوف تجد العديد من القوي والأيدلوجيات  والدول ضمن هذا التصنيف ،  وهكذا تتفاوت درجات الترتيب طبقاً للقناعات والتوجهات الفكرية سواء كان هذا العدو هو الصهيونية ، أو اليمين المتطرف في الغرب  والشرق ، أو التطرف الانحلالي و الفساد.

دعونا نتفق أن كل ما سبق يعد عدواً ثانوياً من السهل الانتصار عليه  بالمنطق والعقل ،  بيد أن هناك  عدو أخر أكثر ضرورة يصعب التعايش معه علي وجه الإطلاق ، وهذا العدو  الشرس هو الجهل  الذي يطمس نور الحق فوق ظهر الأرض ، ومتى  وجد يلازمه الفقر والمرض .

 وقد حاولت كل النظريات الاقتصادية وضع الحلول  التي تضمن  مكافحة الحرمان والجوع ، وجاء دور الدين الإسلامي  حاسماً نحو هذه القضية آذ حث علي العلم ، وفرض الزكاة  كأداة اقتصادية واجتماعية  للتكافل ، وفرضت القوانين الوضعية   الضرائب كي تمكن الحكومات  من الإنفاق علي مخططات  التنمية ، ورغم هذا التلاقي بين الدين ونظم الحكم  ؛ يقف الشح في النفس البشرية حجر عثرة أمام  التطبيق  ، فيحتال البعض  ويمتنع عن أداء الزكاة ، ويتهرب آخرون من الضريبة  .

وقد قدر التهرب الضريبي بمصر عام 2009  فقط بمبلغ 30 مليار جنيه ،  وحرمت الموازنة العامة من تلك الأموال  ، وما تلاها من عمليات التهرب  التي تتم عبر فيلق من القانونيين  والمحاسبين استحدثوا  صيغ شيطانية لسرقة الوطن ؛ فأطاحوا بحقوق الفقراء ، وعرقلوا خطط التنمية ؛ فأصبحت  الحكومات عاجزة عن تدبير الموارد اللازمة لإدارة  الدولة  ، فلجأت  إلي الاستدانة  من الخارج  وترتب علي ذلك مخاطر جمة ، منها الزج بالبلاد في محرقة التبعية السياسية .

وعلي الصعيد الداخلي أدي الدين العام إلي انخفاض القوي الشرائية للنقود نتيجة  طبع البنكنوت بمعدلات أعلي من حجم النمو في الناتج القومي  ، وبالتالي ارتفعت معدلات التضخم ، جراء  التهرب الضريبي والفساد ،  ومن ثم  أصبح دور هؤلاء اللصوص أشبه بدور القوي الاستعمارية التي تنهب الشعوب  , وعجزت  الدولة بسببهم عن تطوير التعليم فعم الجهل  في قطاعات عريضة جراء تدهور  الاقتصاد .

وتراكمت المشاكل جراء بطء  معدلات التنمية  ، وتراجع  الاستثمار في برامج الصحة وعجز الفقراء عن دفع تكاليف العلاج  ، وانتشرت البطالة وتحت ضغط الحاجة والعوز  اتجهت شرائح جديدة نحو عالم الجريمة من أجل المال ، مما تسبب  في تكدير الأمن والسلم الاجتماعيين وهي نفس النتائج التي تخلفها الحروب .

وعلي الرغم من ظهور جمعيات أهلية تستحق الثناء والتقدير  أسهمت في توفير الغذاء والدواء والكساء للفقراء ، ظهرت شريحة أخري  من الجمعيات الأهلية أسسها بعض  اللصوص  ليتربحوا من  أوجاع المعدمين  ، ويجمعون التبرعات ثم يسرقونها ليصبحوا نجوم أعمال ، وبالتالي فقد جزء من المجتمع الثقة في  المؤسسات الخيرية الجادة  .

ومن ثم بات من الضروري  محاربة الجهل لأنه البيئة  الحاضنة  لقوي الظلام ، التي تسقط مبدأ تكافئ الفرص ، وتروج للرشوة ودولة الطوائف  . الأمر الذي يستدعي أعادة صياغة المفاهيم  من خلال ثورة تصحيح  جديدة  تعتمد علي الأمانة  والعلم.

نشر بالحوار المتمدن في 22/  6/ 2015  العدد4845


تعليقات

التنقل السريع