مقالات
دخول
مصر عصر الفضاء والسموات المفتوحة اقترن بطرح كم هائل من القنوات للاستثمار الخاص ،
وتكمن المشكلة فيما يبثه الإعلام الخاص من رسائل إعلامية فاسدة تتخفي وراء الشعارات الزائفة ، تارة بمنافقة السلطة ، وتارة بتضليلها، وذلك من أجل الترويج لأفكار
تخدم مصالح أشخاص بما يتعارض مع منظومة العدالة.
وتكرس الكثير من هذه الفضائيات في برامجها لفكرة نهب البسطاء في مصر والعالم ، بالتمهيد لتشريعات وقرارات تقنن الفساد ، وذلك من خلال نخب واهية تم
صناعتها خصيصاً لتسويق الوهم .
وأصبحت بعض الفضائيات مراكز قوى تخدم
الرأسمالية المتوحشة وهذا أخطر مسلك يمكن أن يفرزه الإعلام الخاص ، لأنه لا يحق للإعلام إلا أن
يدعم برامج الدولة ومبدأ سيادة القانون.
والطامة الكبرى هي ظهور نوع آخر من القنوات
تهدف إلى الربح على حساب القانون والأخلاق والدين ، منها قنوات
تمارس القمار الفضائي ، عن طريق
طرح أسئلة بسيطة وسطحية علي المشاهدين ، لاستدراجهم
للمشاركة والإجابة علي أمل الفوز بالجائزة
، وتنهمر الاتصال عبر
وسائل اتصال أسعارها مرتفعة للغاية ، فيقع في الفخ معظم الفقراء والمساكين الحالمين
بالهروب من القحط إلي آفاق
الرفاهية ، وللتضليل يتم
نشر أسماء سعداء الحظ الرابحين ،
والحقيقة أن هؤلاء المحظوظون ما هم إلا أفراد يعملون بكواليس أستوديو البث كل دورهم تمثيل دور الفائز لتحفيز الآخرين علي المقامرة . ومن ثم يتم تسويق الوهم للجماهير
عبر الشاشات في مشهد سينمائي محكم الإخراج .
ولا يوجد عمل لمثل هذه القنوات سوى مذيعة
تفتتح المزاد عن طريق إبراز مفاتن جسدها بالرقص والالتواء ، تم طرح
أسئلة ساذجة علي الجمهور ، والفاصل أغاني تبث بدون ترخيص ، أو وصلة من
موسيقي التوكتك العشوائية .
أما
دور قنوات القواد الفضائي هو نشر الرسائل
والأميلات بهدف التعارف الجنسي ، ويكون نص الرسائل على الشاشة: "أريد
التعرف على صديقة من مصر أو سوريا أو اليمن" ... وترد بعض السيدات التي تمتهن
حرفة البغاء برسالة: "حول إلي رصيد علي الرقم التالي" وبذلك تتم الصفقة .
وربما
كان التصور في البداية أن يكون هذا التعارف بين التجار وأصحاب المصانع لتبادل
السلع والخدمات ، بيد أن الأمور انزلقت
نحو منعطف آخر ، وقد قامت بعض الدول ومنها السعودية بمنع وصول الرسائل التي يرسلها مواطنيها إلى مثل هذه القنوات . ورغم أن الانترنت يعج بمئات
الآلاف من المواقع التي تسهل اللقاء بين
الجنسين ، إلا أن مرور هذه الرسائل عبر
الإعلام العربي الذي يدار
تحت إشراف الحكومات مسألة في غاية
الخطورة . وربما يكون حرص
الشركة المصرية للأقمار الصناعية على الربحية ؛ يجعلها تتغاضي عن تآكل منظومة القيم .
وفي النهاية يتم جمع عشرات الملايين من أثمان الرسائل والمكالمات التلفونية ، وتقسم الغنيمة بين القنوات وشركات الاتصالات في مسلسل مستمر
من الخداع والتضليل.
والتساؤل الجوهري هل فوضي
الإعلام مقصودة ؟ وهل هذه القنوات
العربية تعمل على تحقيق تلك الأغراض الشريرة عن جهل ؟
أو أن بعضها يقوم بذلك عن عمد ؟ لمصلحة من يتم نشر الرزيلة وتغيب الشباب
العربي عن الوعي والتنمية ؟ كل ذلك يحدث في ظل مناخ مشبع بالفساد ،
والعشوائيات، وهذا يتفق تماماً مع أهداف اليمن المتطرف بالغرب ، ويخدم المخططات
الصهيونية في طمس معالم الهوية وسرقة الأوطان
العربية .
ومن
ثم يعد غلق مثل هذه القنوات الفضائية واجب وطني . وينبغي أن تكون مباحث المصنفات الفنية طرفاً فعالا يراقب
المواد المعروضة للقضاء على السرقات الفنية ، علي أن يتم فرض
رسوم علي كل الفضائيات تخصص لتعيين موظفين لمراقبة تلك القنوات . في الحقيقة أن الأمر خطير ، ويحتاج إلي مراجعة
شاملة من قبل أجهزة الأمن القومي بمصر
والعالم العربي .
نشر بالحوار المتمدن العدد 4840
في 17 /6 /2015
تعليقات
إرسال تعليق