مقالات
ربما يكون من المهم إعادة تذكير الجميع بأن روح مصر في أفريقيا، فالتخبط الحكومي بالهرولة نحو الشرق تارة ونحو الغرب تارة يعد من أعراض المراهقة السياسية، فالعلاقات مع العالم المتقدم تمر عبر بوابة المصالح، ومن ثم لا يوجد أمل في تحقيق نهضة حقيقة بعيداً عن التعاون مع دول حوض النيل انطلاقا من الروابط الجغرافية والتاريخية، لأنه دون ماء تصبح الأوطان أحجاراً ورمالاً عديمة الفائدة.
من المزعج أن بعض الرموز التي تتولي رعاية الحركة الثقافية
بمصر هي نماذج مفلسة وتابعة للأهواء، وبدلا من أن تكون عونا للسلطة أصبحت عبئاً عليها
لأنها لا تجيد إلا التملق والنفاق والمكايدة
، فكما فقدت الدولة آليات التواصل مع أفريقيا فقدت الحركة الثقافية آليات هذا التواصل
علي المستويين الفكري والإعلامي.
وكان لابد للثقافة أن تسبق السياسة إلي هناك، لتعوض الفراغ
الذي حدث بسبب التخاذل المصري، اليوم ربما يكون الوقت قاتلاً ولا يسعف فمردود الثقافة
طويل الأمد، ولكن يجب علينا أن نبدأ بفك شفرات هذا الجفاء لنلتقي من جديد مع أشقاء
الجنوب بالحوار الثقافي والفني، فلغة الفكر تخترق الوجدان وتمهد للدبلوماسية عدة قنوات
للمرور والتقدم.
يحتاج الأمر إلي برامج عمل جادة وعقول واعية تدرك مفردات
الخطاب التصالحي، وأبسط تلك الأدوات هي تنشيط حركة الترجمة لنقل نوعية من الأدب توجه
خصيصا إلي أفريقيا وتكتب بحرفية وعناية لتعزيز أواصر الصداقة مع هذه الدول.
ويتطلب هذا الأمر تعاوناً حقيقياً بين اتحاد الكتاب والمركز
القومي للترجمة ومعهد الدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة والهيئة العامة للكتاب، علي
أن يكون هذا التعاون بعيدا عن حسابات المكسب والخسارة والعائد المادي، حتى لا نكرر
أخطاء وزارة الإعلام المصرية عندما أغلقت معظم الإذاعات الموجهة إلي أفريقيا، ورغم
العبث الإعلامي وفوضي القنوات الفضائية لم توجه مصر فضائية واحدة تخاطب أفريقيا بمنطق
يمهد للتعاون الجاد.
واليوم من الخطأ الشنيع أن تكرار فضيحة صفر المونديال، فقد
استيقظ الشعب المصري عام 2004 محبطاً ، فقد كنا نخاطب أنفسنا واهمين بحلم الفوز باستضافة
كأس العالم ولم نحصل علي صوت واحد وقتها ولو من الأشقاء ، وذات الأداء نفسه يتكرر اليوم
بمؤتمرات وبرامج هشة وبعيدة كل البعد عن مرمي التصويب، الفرق بين الأمس واليوم في دلالة
الصفر؛ فهو في محصلة العلاقات المصرية - الأفريقية يعني العطش والقحط وربما الفناء
تعليقات
إرسال تعليق