تمثل تصريحات المرجع الشيعي العراقي مقتدى الصدر ثورة فكرية يمكن أن تنسف الخلاف المذهبي بين
أبناء الأمة الواحدة؛ إذا تم البناء عليها، وخاصة أنها صدرت من شخصية ذات وزن لدى
شرئح كبيرة من الشيعة العرب، وأهم ما جاء بهذه التصريحات؛ هو الإعتراف بالصحابة
الكرام أبو بكر الصديق، وعمر ابن الخطاب،
وعثمان ابن عفان، جانبًا إلى جنب مع الأمام
على ابن أبي طالب رضي الله عنه، وعلى آل البيت الأطهار، هذا التصحيح التاريخي من
الممكن أن يؤدي إلى وقف التراشق اللفظي، والسباب الذي استمر يتصاعد تدريجًا قرابة
1400عام، ومن الوارد أن يسفر هذا الإعتراف حال تطبيقه إلى تغير خريطة
الفقه الشيعي، لأنهم لا يتعترفون سوى بالأحاديث النبوية التي تروي عن طريق الأمام
علي كرم الله وجه، ومن المؤكد أن دخول
السنة النبوية المطهرة كاملة لدى فقهاء
الشيعة ؛ سوف تقود إلى نسف معظم بؤر الخلاف القائمة.
يؤسفني، ويحزن كل أصحاب الفكر عدم التعاطي من
قبل الإعلام المصري، أو العربي مع هذه
الأمر بما يتفق مع أهمية الحدث، كما يزعجني خفوت صوت الأزهر، ووزارة الأوقاف
المصريتين في الرد على هذه المبادرة، هذا يشي بعدم تماهي المؤسسات الدينية مع
متطلبات الأمن القومي المصري، أو العربي، أو الإسلامي بالقدر الملائم، وكأن علماء الدين
في وادٍ، والدنيا في وادٍ آخر.
يرتبط
فناء هذه الأمة بإزكاء نيران المذهبية، وتكمن نهضتها بإزالة أسباب الخلافات
التاريخية بين السنة والشيعة، إلا أن الصمت المطبق الذي عقد ألسنة بعض رجال الدين المؤثرين؛
ربما قد جاء سهوًا، وينبغي علينا جميعا ألا نسمح بنمو المدسوسات، والإسرائيليات، وسوف الفهم،
والتعصب الأعمي بين شرئح هذه الأمة.
تتطلب المرحلة الحالية ثورة فكرية من قبل العلماء؛
بعيد عن الجمود الذي ضرب الأمة منذ قرون عديدة، فلا أمل في النهوض دون تنقية
التراث الإسلامي من بعض الاجتهادات الخاطئة، وعودة الدعاة إلى الخطاب الألهي كما
نزل به الوحي الأمين، وكما أمرنا سيد الخلق محمد صلي الله عليه وسلم.
بداية ثورة السلام على أرض العرب؛ تكمن في التصالح مع أخوة العقيدة، وفق منهج علمي
مبني على الحجة والإقناع، ونأمل من متخذ
القرار في مصر البدء فورًا في تكوين لجنة علمية
من الأزهر؛ كي تذهب إلى العراق، أو لدعوة السيد مقتدي الصدر، لزيارة مصر، للبحث في
إزالة أسباب الخلافات المذهبية، وللإعداد
لتدشين المؤتمر الأول للحوار السني الشيعي بالقاهرة، فقد حان الوقت لأمة مُحمد أن تتوقف عن تدمير نفسها بنفسها.
تعليقات
إرسال تعليق