تُعد فكرة إنشاء العاصمة الإدارية الجديدة من
المشروعات الضرورية؛ للقضاء على التكدس البشري بالقاهرة الكبرى، والتي
تعاني من شدة الزحام، وارتفاع معدلات التلوث، وقد طُرحت هذه
الفكرة في عهد الرئيس الراحل أنور السادات،
ولكنها مات برحيله، وقد عادت للظهور من جديد، بعد 25 يناير2011م، وجاري التنفيذ
الآن.
لفت إنتباهي
أن مساحة حديقة العاصمة تبلغ
8 كيلومترات، وهي أكبر مرتين ونصف من الحديقة
المركزية في نيويورك، وهذه المساحة توازي نحو 1905 فدان، وهذا أمر جيد، ويجب يتم في ظل ندرة
الماء وفقًا لمعيارين: الأول هو زراعة نباتات قليلة الاستهلاك للماء، وبالطرق
الحديثة.
والثاني أن تكون هذه النباتات مثمرة، بيد أن المشكلة كما سمعت أن أحد التنفيذين بالمشروع يرفض فكرة النباتات المثمرة قائلا بالنص:
-: "العيال ح يحدفوها بالطوب"
وهذه العبارة سمعتها بشكل آخر من أحد
المسئولين بجهاز مدينة 6أكتوير منذ أكثر من 18عامًا، عندما طرحت عليه هذا التساءل لماذا
ترفض زراعة النباتات المثمرة؟ فقال:
- : "لو زرعنا نباتات مثمرة سوف تطالبنا
الوزارة بالإنتاج، ونخش في مشاكل ووجع دماغ".
أذا
كان البعض يبرر عدم زراعة نباتات مثمرة بحجة أن الأطفال سيمارسون سلوك العشوائيات، فهذا
الفرض لا يمكن قبوله في عاصمة
جديدة سوف تكون واجهة مصر، ويجب أن تكون هناك تشريعات صارمة لتجريم العبث
بأي مسطحات خضراء ، أما عدم زراعة نباتات حتى لا تطالبنا الحكومة بالإنتاج يعكس
فكر إداء الموظف الحكومي القائم على الكسل، وعدم تحمل المسئولية، وهذا الفكر لا يناسب
متطلبات التنمية الحالية.
تكلفة الفرصة البديلة:
تقدر كميات المياه المستخدمة في ري الحديقة
المقترحة للفدان الواحد نحو 3500 متر مكعب
في العام،
وفي ظل ندرة المياه سوف تستهلك الحديقة نحو 6.667 مليون متر مكعب سنويا،
وهذه الكمية تكفي لزراعة 4166 فدان
بالقمح، على اعتبار ان الفدان يستهلك نحو
1600 متر مكعب طبقًا لطرق الري الحديثة، وهذا الماء يمكن أن ينتج 12.5 ألف طن من
القمح سنويا، وبما يقدر بنحو 2.25 مليون دولار ، أو 40 مليون جنيه مصري، وفقًا لأسعار يوليو
2018م، أو يوفر نفقات تحلية المياه المالحة، بما يساوي 133.37
مليون جنيه على اعتبار أن تكلفة تحلية المتر المكعب الواحد من الماء تبلغ 20 جنيها،
وبما أن بناء الدول يبدأ بتوفير القرش، وأن ترشيد المياه يبدأ من الحفاظ
على القطرة، يجب مراجعة هذا الأمر، ودراسة
زراعة الحديقة المقترحة بنباتات مثمرة كالنخيل والزيتون.
أما بالنسبة لزراعة المسطحات الخضراء بين الواحدات السكنية أو حول الطرق يجب
أن يتم بنباتات مثمرة، أو ذات مجموع خضري كبير، ودون قص؛ لأن الشجرة المتوسطة
قد تمتص يوميًا 107كيلوجرامات من ثاني أكسيد
الكربون وتنتج يوميًا 140 لترًا من الأكسجين، وبالتالي يمكن حماية البيئة من
التلوث ( رقم استرشادي يحتاج إلى بعض الدراسات التطبيقية).
وبالنسبة للصرف يجب عزل الصحي عن الصرف الصناعي في المناطق الصناعية، لأن معالجة كل نوع تختلف عن الآخر، وذلك يسهل من عملية
تدوير الماء ويسهل إعادة الاستخدام.
وبخصوص ما ذكر حول الطاقة الاستيعابية للعاصمة الإدراية الجديدة، والتي تقدر بنحو 7 ملايين نسمة فى المرحلة الأولى، هذا يعني أن أعداد السكان سوف يتضاعفون
مستقبلا، وربما يؤدي ذلك إلى استنساخ
القاهرة الكبرى بمشاكلها القديمة مرة آخرى، وقد يكون من الأفضل الانتشار الأفقي لتقليل
الكثافة السكانية على الأرض، مع العمل على
منع إلتحام العاصمة الإدراية الجديدة بالقاهرة القديمة، فقد حدثت هذه المشكلة بين مدينة
6 اكتوبر، ومحافظة الجيزة كمثال.
ربما
يكون من المناسب مراجعة حجم الكثافة السكانية المخططة من جديد، وتوجيه الفائض
البشري نحو مشروعات اقتصادية أخرى بسيناء، لتحقيق أقصى استفادة، وخاصة بعد الشروع
في تنفيذ 6 أنفاق أسفل قناة السويس لربط
سيناء بالوادي القديم.
تعليقات
إرسال تعليق