تعد الحوادث الإرهابية التي تستهدف الجيش والشرطة والكنائس والمدنيين، من الأعمال المرفوضة شكلا ومضمونا، وتهدد الاستقرار والاقتصاد المصري في آن واحد، ولذا يجب التعامل مع الأزمة عبر عدة زوايا، دون الاقتصار علي البعد الأمني فقط، ومن هنا تأتي أهمية مواجهة الفكر المتطرف بالفكر المستنير، على أن يتم ذلك عبر عقول واعية، ومن خلال منابر إعلامية تتسم بالمصداقية؛
ويأتي تعديل السلوك الإعلامي بعيدًا عن الوجوه الإعلامية التي أصبحت ملفوظة جماهريا، والتي عرف عنها ضحالة الفكرة، وسطحية الحجة، وكثرةالنفاق، لأن هذه الشخصيات النافقة بداخل الفضائيات المصرية سوف تسقط من تؤيده، وترفع من تعارضه، وأصبح ينطبق عليها لفظ الدابة التي تقتل صاحبها، وبات من المستحيل تمرير أي رسالة إعلامية عن طريق هؤلاء.
أما الطريق الذي لا مفر من السير فيه ؛ فهو طريق المراجعات الفكرية مع رموز التطرف، لأن علاج أصحاب الأفكار التصادمية كفيل بتجفيف منابع الأرهاب، وهذا الطريق رغم صعوبته سوف يثمر عن نتائج غاية في الأهمية.
وقد نجحت المراجعات الفكرية بمصر في السابق عقب اغتيال الرئيس الراحل “أنور السادات” إذ نتج عنها مغادرة الجماعة الإسلامية لمعسكر التشدد نحو معسكر الاعتدال.
أما مشكلة تصدع الجبهة الداخلية، فهي مشكلة خطيرة؛ وتنذر بعواقب وخيمة، ومن ثم يجب إعلاء ثقافة التوافق، والمصالحة، والمواطنة، وقبول الآخر، وقد أخبرنا التاريخ بأن وحدة الجبهة الداخلية بمصر في السابق مكنتها من مواجهة هزيمة 1967 بصلابة، حتى تحقق النصر في 1973م، وأيضًا تمكن الشعب المصري تحت هذا الشعار من صد حملة “فريزر” وهزيمة جيشه في رشيد عام 1805م، وتحقق النصر رغم الفجوة الشاسعة في التسليح والإمكانيات بين مصر وإنجلترا آنذاك.
لقد أسفر إنقسام الجبهة الداخلية في مصر بين الزعيم “أحمد عرابي”، والخديوي “توفيق”عن احتلال مصر في عام 1882م.
وحتى لا تتكرر أخطاء الماضي البعيد، بات علي كل القوي السياسية بمصر إدارة الخلاف في الرأي طبقًا للمنطق، وبعيدًا عن العنف، والمكايدة؛ لأن نتائج التناحر السلبي هي الخسارة للجميع.
يتطلب العبور نحو المستقبل إلى الإخلاص، والتسامح، والعدالة، ومحاربة الفساد، وتسريع وتيرة التنمية، وكل ذلك لن يتحقق إلا بوحدة الجبهة الداخلية، فى ظل الديمقراطية؛ عندئذ سوف تلتئم جروح الوطن ويلفظ الإرهاب أنفاسه الأخيرة.
Advertisements
تعليقات
إرسال تعليق