إن قيام نحو 10
ملثمين يوم الجمعة 26 /5/ 2017 بالهجوم علي المسحيين
وهم على متن حافلتين متجهتين إلى دير
الأنبا صموئيل غرب المنيا، جريمة لا تغتفر،
وقد تلقيت هذا النبأ المشين كغيري من الأغلبية الساحقة بمصر بمزيد من
الحزن والآسى.
تعد
مثل هذا الأعمال الإرهابية حالة من حالات
الجنون الطائفي التي تستوجب الحسم لوأد
الفتنة قبل استفحالها؛ وسواء كانت هذه الأعمال المتطرفة صناعة محلية، أو صناعة خارجية
صُدرت إلينا عبر إختراق المتعصبين بالداخل؛ أو مجهولة المصدر، ففي كل الحالات يجب علينا موجهة ذلك بكل السبل المتاحة.
وكل الخوف أن تسفر هذه الجرائم عن عواقب وخيمة، لأنها سوف تؤدي إلي تنمية مشاعر
الغضب والكراهية داخل نفوس الأخوة
المسحيين، بسبب شعورهم بالظلم
جرّاء العدون عليهم من قبل بعض الفئات الضالة.
جوهر المشكلة أن التدعيات
والآثار النفسية المقترنة بالغضب سوف تتضاعف،
وربما يكون من الصعب السيطرة علي بعض
ردود الأفعال الغاضبة، وخاصة أن هذا الهجوم الغادر جاء بعد
شهر ونصف من تفجيرين ضد كنيستين، في محافظتي الغربية والإسكندرية، سقط فيهما نحو 45 قتيلا وأكثر من 100 مصاب.
أما الجريمة الآخري هي قيام بعض المتشددين بوضع أقباط
مصر كورقة ضعط ضمن
معادلة الاستقطاب السياسي الملتهب؛ كطرف معادي، وهذا الغباء في التصنيف يعني هدم المعبد علي من فيه، وضد
فكرة السعي الرصين نحو ترسيخ مبادئ الديمقراطية، حتى وإن كانت هذه الديمقراطية شديدة البطء، ولا يعقل أو يقبل من كل ذي لب أو ضمير أن يتم استهداف شريحة من المدنيين لأن رأيهم
مخالف، للآخرين.
أن حق المواطنة للأقليات غير المسلمة من أهل الكتاب ليس منحة أو تفضل يجود به بعض الملسمين علي من سواهم، بل هو حق أصيل لا فضل فيه لأغلبية علي أقلية، وأن القرآن الكريم قد حسنا على ذلك في المطلق بقوله تعالى: لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ
وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8 -
الممتحنة) وبالتأكيد لا يمكن لأقلية أن تخرج الأغلبية من ديارها.
وفي قوله تعالى: "اليوم أحل لكم الطيبات
وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من
الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان
ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين" ( 5 -
المائدة )
وفي السنة النبوية المطهرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من
قتل معاهدا لم يرح رائحة الجنة، وإن ريحها توجد من مسيرة أربعين عاماً"
(صحيح البخاري) ومن ثم تلزم الشريعة
الإسلامية أهلها باحترام حقوق الآخرين متى
كانوا أغلبية في الدولة.
وفي الإطار العام نجد أن القانون والدستور يؤكدان
أن جميع المصريين متساوون في الحقوق، والواجبات.
إن رياح الشؤم تهب لتخريب الوطن، وتشتعل عبر النفخ في نيران الطائفية
المقيتة، وهذا يستدعي اليقظة والعمل علي استئصال هذه الفنتة من جذورها حتي يتم
إنقاذ الوطن من براثن الفناء.
تعليقات
إرسال تعليق