القائمة الرئيسية

الصفحات

تصدع الدولة المصرية وطوق النجاة



مقالات

أخطر ما يواجه مصر في هذه الأثناء هو إنفجار المشاكل المتراكمة  في شتي المجالات منذ عشرات العقود في لحظة وحدة، علاوة علي تردي الوضع الإقليمي، مما جعل الفضاء العربي غير قادر علي القيام بهمام الدعم والإمداد.

واليوم برزت علي السطح قضية المياه إستجابة للفكر الذي يستهدف تعطيش مصر وإغراقها في مشاكل الفقر والمرض والجهل، وفيما يبدو أن هذا الأمر  قد خطط له وفقًا لمبدأ صراع الحضارات تخطيطًا محكمًا، ومع أن الأدلة والقرائن كانت بارزة، بيد أن غياب الديقراطية جعل الاستحواذ علي الحكم أهم من إنقاذ البلاد.

برزت ذروة المأساة في خروج أثيوبيا علي مسرح الأحداث كرأس حربة، تبتغي  قطع المياه عن مصر، ورغم أن حقوق مصر التاريخية في نهر النيل تكفلها معاهدتان تعودان إلى 1929 و1959 وهاتان الإتفاقيتان تمنحاها حق الإعتراض على أي مشروع تراه مضرا بمصالحها، إلا أن  بناء سد النهضة، ثم الإعلان عن سد جديد علي النيل الأزرق في مايو 2016 يؤكدان صحة ما خططت له الإدارة الأمريكية مع آخرين منذ عام 1961م بهدف إفشال مشروع السد العالي. ولب المشكلة الحالية أن مصر تأن تحت وطأة الكثير من المشاكل الموروثة، هذا  الوضع قد يشل من قدرتها علي الحركة بسبب مايلي:

أولا تصدع الجبهة الداخلية: وذلك من خلال الصراع المرير علي السلطة بين التيارات المختلفة، علاوة علي تمدد ظاهرة الأرهاب كمحرك للأحداث، وبالتالي دخل الاقتصاد المصري غرفة الإنعاش جراء تدهور السياحية وهروب رأس المال، ومن ثم تراجعت قدرة الدولة علي الوفاء بإلتزاماتها؛ إلا من خلال القروض الخارجية أو الدين العام، مع الاعتماد علي السياسة النقدية  في توفير وطبع النقود بدون غطاء إنتاجي، مما رفع معدلات التضخم والأسعار، وأشعل حالة من السخط العام.

ثانيا إنهيار الجهاز الإنتاجي: وذلك بسبب ميراث سياسة الخصخصة  الفاشلة، والهرولة نحو بيع الأصول الإستراتجية، وتفكيك المصانع العملاقة، ومنح الأراضي المستصلحة، والمخصصة للبناء للمحاسيب،  وإسقاط  حقوق عامة الشعب من البرامج التنموية، مما أدي إلي عشوائية البناء علي الأراضي الزراعية،  لإستعاب  النمو الطبيعي للسكان؛ وبذلك فقدت مصر قدرتها  علي التآثير الاقتصادي وتحولت إلي دولة مستهلكة جرّاء موت الصناعة والزراعة معًا.

ثالثا تصدع المحيط الإقليمي: بعد أن  تاكد لليمين المتطرف بالغرب أن أبناء النيل هم الصخرة التي تتحطم عليها أوهام الغزاة، كان لابد من التخطيط لزعزعة الاستقرار حولها تمهيدًا  للنيل منها، ولذا لم تكن القلاقل الحادة بالمنطقة محض صدفة، فقد كان إنهيار الصومال وتقسيم السودان ضربة البداية في مسلسل خنق مصر، ثم العراق وليبيا، وحاليا  يعد تورط دول الخليج رغمًا عنها بمستنقعي اليمن وسوريا، نخرًا حول جذور مصر العربية الضاربة في أعماق الإقليم لخلعها، ومن ثم القضاء علي الهوية العربية بالكامل، وسحق الأيدلوجية الإسلامية.

 رابعا تدهور التعليم والثقافة: لقد أرجعت بعض التحليلات أن تدهور التعليم بمصر ربما قد جاء عن عمد، حتي يتمكن الفاسدون من السيطرة؛  لأن بعضهم أعتقد أن التحكم بالشعب الجاهل أسهل، وهذا إعتقاد خاطئ، ومع دوران عجلة الأيام  أُنتجت  بالمدارس والمعاهد بعض النماذج المشوهة من أنصاف المتعلمين فأصبحوا أشد خطورة علي الوطن من أعدائه.

وفي المجال الثقافي: هدمت أجهزة الإنتاج الفني، فإنحرف الأدب والدراما عن مجالات بناء البشر ، وقدمت عبر الشاشات الفضية نماذج شاذة  علي أنها المثل الأعلي حتي هُدم البنيان الإنساني بتجريف الشخصية المصرية، وبات من الصعب علي العقلاء مخاطبت العقول الخربة أوإقناعها بخطورة الوضع، وأصبح من يؤذن بالإصلاح  كمن ينخر بصوته  في الصخور بودي الصمم دون جدوي.

واليوم ربما  كانت بقايا الأمل  في يد المخلصين من أبناء هذا الوطن هي الملاذ الأخير؛ لترميم الشروخ العميقة ببنيان الدولة، فقدر الشرفاء والنبلاء  سوف يدفعهم إلي العمل علي لم الشمل الوطني، دون الإلتفات إلي الخلف، لأن اللدد في الخصومة  يدمر المجتمع، كلنا نبتغي  مخاض الأمل،  راجين أن تقذف به الأقدار  من رحم المعاناة، لنصنع الغد بالعدل والعلم والعمل.





تعليقات

التنقل السريع