القائمة الرئيسية

الصفحات

الدبلوماسية والدولة المصرية في خطر





مقالات

علي غير الأعراف الدبلوماسية جاءت واقعة تكسير سماعة قناة الجزيرة  بمؤتمر الخرطوم  الذي يناقش مشكلة سد النهضة مع إثيوبيا غير مبررة، فليس من المحبب أن يقوم وزير الخارجية المصري "سامح شكري" بمثل هذا التصرف، لأن منصب الوزير أجل وأكبر من ذلك، كماأن هذاالتصرف سيأتي بنتائج عكسية لصالح القناة التي سوف تسوقه علي أنه ضد حرية الإعلام، وأن المسئولين المصريون في حالة ذعر ولا يسيتطعون السيطرة  علي أعصابهم، أو الصمود ضد صحفييها،  وهذا يعزز التواجد الإعلامي للجزيرة إقليمًا ودوليًا، ومن اللافت للنظر أن المؤتمر متاح للصحافة والفضائيات، ولا جدوي لمثل هذه التصرف علي وجه الإطلاق لأن قناة الجزيرة حتي وأن غابت عن المؤتمر سوف تنقل فاعليات تلك الجلسة عبر الفضائيات الآخري وبالطريقة التي تريدها.

ومن الآمثلة السياسية القريبة جدًا علي ضبط النفس في مجالات السياسة علي الصعيد الدبلوماسي، استقبال الرئيس السيسي  لأمير قطر بمصر عندما حضر المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ، ورغم اللد في الخصومة تعانق الرئيسان بالأحضنان والقبلات أمام الكاميرات، وهذا الاستشهاد لا يجب تفسيره بأكثر من مغزاه ،  لأنه لا يتجاوز سوي إقامة الدليل علي المرونة السياسية في التعامل  لدي رئيس الدولة، وأن الوزير الذي يعمل تحت إدارته عجز عن ضبط النفس في مواجه بضع صحفيين.

وهذا يذكرنا بالوزير عمرو موسي، عندما عمل كوزير للخارجية في مصر من 1991 إلى 2001 فقد كان يصتطدم دون أن يجرح، وينسحب دون أن ينحني، وعلي الرغم أنه كان يمثل مرحلة تجمد فيها التآثير السياسي لمصرعند نقطة البيات الشتوي، إلا أنه نجح في أن يصدر للمواطن العربي صورة ديناماكية عن النظام علي عكس الواقع.

وكان الرئيس الراحل أنور  السادات أعظم مثال في العصر الحديث علي الصمود في مواجهة الإعلام المتسلط، فمنذ توقيع تفاقية كامب ديفيد  في 17 سبتمبر 1978 وحتي إغتياله في 6 / 6/ 1981  ورغم الهجوم الشرس من قبل كافة وسائل الإعلام العربية المكتوبة والمسموعة والمرئية تقريبًا، لم يتراجع عن قراره السياسي الذي ظن أنه لصالح الوطن، وتجاهل الإعلام عندما أتهموه بالخيانة والعمالة، فقتلهم بالتجاهل، وسحقهم بالسخرية اللاذعة، التي مازالت تتردد حتي اليوم، وأثبتت الإيام أن جبهة الصمود والتصدي التي حركت ضده الشارع العربي كانت تضم بضع مراهقين، دمر قادتها المتغطرسين بلدانهم،  بالعراق، وليبيا، واليمن وسوريا والجزائر، وتحت شعارات ظاهرها الحق وباطنها التملق والجهل بأليات السياسة، تحولوا إلي ورقة في معادلة الحرب الباردة بصف الاتحاد السوفيتي الذي كان يعارض التسوية حتي لوكانت سياسية حتي لا تنفرد الولايات المتحدة بالشرق الأوسط.

السياسية ليس بها عواطف أو مشاعر، فهي فن الممكن في حدود المتاح، ولا يعني قيام أي السياسي بوضع يده في يد خصمه أنه باع أوخان، بل هي المرواغة واتخاذ وقت مستقطع لإلتقاط الإنفاس، كما أن القبلات وكلمات الترحيب لا تدل علي الحميمية، فهي مجرد ورقة سياسية سوف تسقطها الإيام حال تغير موازين القوة.

وتصرف  وزير الخارجية بعيد عن هذه الحقائق جعلته كمن يصارع الهواء، رغم استحالة   أن يقبض  أحد بيده علي آثير الفضائيات ليخنقه؛ فمقاومة الإعلام تتم بالإعلام والفكر، وما عجزعنه الإعلام بعشرات الفضائيات، نجح فيه المنبوذين الفارين من مصر إلي قناة الجزيرة بسبب إزاحة الكفاءات لصالح المحسوبيات.

ويتضح من هذا العرض أن الخطر المحدق بالدبلوماسية والدولة المصرية يأتيان من داخل النظام؛ بسبب ضعف الكفاءات المحيطة بمتخذ القرار أيًا كان أسمه، لأن الثورة الناحجة تقتضي إسناد الأمر لإهله بكافة المجالات، وفكرة الديقراطية لا تنحصر في شخص علي قمة السلطة التنفذية، وإنما تمتد إلي كل مصري يستطيع اتخاذ  القرار بنجاح، وذلك  بأي وظيفة كبيرة أو صغيرة بكافة المؤسسات العامة والخاصة، ولذا  لن تتمكن الدولة من إعادة البناء إلا بوضع الرجل المناسب في المكان المناسب.




 

تعليقات

التنقل السريع