القائمة الرئيسية

الصفحات

مبدأ تكافئ الفرص وحقوق الإنسان




                               مقالات

يعد مبدأ تكافئ الفرص  ، ووحد معايير التي يكرم علي أساسها البشر من أهم  أدوات حقوق الإنسان ، التي تعلي من شأن فكرة التفوق ، وتكرس للتنمية الحقيقة بكافة البلدان عبر انتخاب الأصلح  لتولي  مهام الإدارة في كافة الوظائف بما يتوافق مع قدرات كل فرد ،  بيد أن موجة تزيف الوعي الجمعي للمواطنين أصبحت  تمر عبر موجات من التزوير ، بسبب تدخل رأس المال المتوحش  لشراء  الذمم وبعض الألقاب والشهادات العلمية التي تباع في حانات أسست  خصيصاً لممارسة الدعارة الفكرية ،وهو ما يؤسس لفقدان أهم وأبسط حقوق الإنسان.

 فبعد أن نهب اللصوص  مقدرات الشعوب  بالعالم الثالث جذبهم بريق المعرفة  ، فلم يجد في باحة الكتب سوي الكد والشقاء ، وأقنعهم   خيالهم المريض بأن الحل يكمن في  شراء الشهادة من بعض الأوكار  لمعالجة  العوار بالنفوس المريضة  ، فأقبلوا يطمسون المعاني النبيلة بسطوة المال الغاشم ، ولم يدركوا  أن  الكمال بالنفوس  لا يشتري ، لأنه خصلة جُبلت عليه  القلوب الطاهرة .

ومن يفشل في الشراء المباشر للشهادات العلمية يسعي  للحصول علي درجة  الدكتوراه الفخرية ، مقابل تبادل المصالح أو المال  مع بعض الانتهازيين الذين دخلوا محافل التعليم لاستنزاف الأسر ، وتبادل اللصوص والدجالين  الأدوار ؛ هذا  يبيع  الوطن وذاك يهدمه.

وآخرين أفرغوا مضمون الجائزة من معناها المحفز علي الإبداع ،  ففي الكثير من  المحافل الثقافية ظهرت شريحة من الجرزان في لجان التحكيم تمنح بعض الأقزام جوائز مقابل اقتسام القيمة المادية لهذه الجوائز  ، ليذبحوا  ثقافة الوطن تحت أقدام الخنازير.

ولم تسلم المعاني الإنسانية من البطش ، وذلك عندما قامت مجموعة غابت عن الوعي بمنح أحدي الراقصات  جائزة الأم المثالية ، دون أدني اعتبار للمعايير الحاكمة لمضمون الجائزة، وهذا لا يعني القدح في أمومة الراقصة ، فالأمومة كعاطفة سامية ، لها أسمي معاني التقدير والاحترام ،  بيد أن المشكلة تكمن  في  تردي مفهوم  التكريم ، لأن هناك آلاف من الأمهات  ، بذلوا عمرهن ودمائهن ؛ لإنقاذ أجيال من الضياع والتشرد ،  بعد أن وأدن  مشاعرهن  ، ولم يأخذ  المجتمع بأيديهن ويقول لهن  أحسنتم  ولو بشكل رمزي في عيد الأم كل عام .

كان من الممكن منح هذه الراقصة جائزة ملكة الرشاقة  فهي سليلة الطبل والزمر ، وأيضاً هذا ليس قدحا في المزمار البلدي كآلة للطرب أو ذما في الطبلة كأحد أهم أدوات ضبط الإيقاع  ،  وحسب المتخصصين في علوم الرقص ، فأن الراقصة تمتلك من المواهب  ما يمكنها من تحريك أكثر من ثلاث مائة عضلة في الهزة الواحدة  ،ربما لو كانت الجائزة في هذا الإطار ، فلن يجرأ مشاكس علي الاعتراض لأن إحصاء العضلات المتحركة في جسد الراقصات  عملية شاقة ، ويحتاج إلي للجان متخصصة ، ونظرا لتخلف البلاد في هذا  العلم  ، كانت النتائج سوف تمر  بلا أدني مشكلة  ، أو  بتغير المسمي  إلي جائزة أحسن أم راقصة ، مما يعلي من شأن  العدالة عند التقييم . وانطلاقاً من مبدأ الشفافية  سوف تجد كل راقصة  لم تفز في هذه من  يكرمها  من خلال راعي آخر  في مسابقة أحسن راقصة تنعش  رجال الأعمال المتهربين من الضرائب  في الحفلات الخاصة.

  ورغم أن أراء الجماهير تنقسم  حول فائدة الرقص ، إذ يري بعضهم أنه رياضية جسدية ، ويري آخرين أنه يثير الغرائز، بينما يجزم عامة الشعب أنهم لم  يشاهدوا الغوازي في حفلات الزفاف والطهور  منذ أمد بعيد ، وذلك  بعد أن طورن من أنفسهن وقررن الرقص في الكباريهات للأثرياء الجدد ، وتركوا الفقراء محرمين من متابعة حركاتهن الرشيقة  .

ومن ثم يجب تخصيص جائزة أو درجة دكتوراه فخرية تمنح لأكبر لص  أو قواد  في كل نطاق جغرافي ، عندئذ سوف تهدأ الأمور لأن هذا  التكريم وتلك الألقاب المقترحة  سوف تريح الفاسدين  نفسياً ولن تخل بمبدأ  تكافئ الفرص  طالما كانت تتفق مع مواهبهم ، وبذلك سوف تبقي المعايير الإيجابية الآخري  حاكمة لحقوق الإنسان ، لتعلي من شأن  التميز في باقي المجالات ، بهدف بناء  الأوطان  الحالمة بالحرية.

                                   

                                 نشر بالحوار المتمدن في  2 /6  /2015






تعليقات

التنقل السريع