القائمة الرئيسية

الصفحات

مستقبل الطفل العربي قضية أمن قومي



                                                        دراسات

صناعة المستقبل تحتم ضرورة الاهتمام بالطفل ، فأخطر ما يهدد مستقبل العالم العربي هو عشوائية التعامل مع الطفل في الكثير من الأقطار العربية ، ومن ثم يتمثل الخطر القائم جراء تدن مستوي البناء النفسي والعلمي والسلوكي والقومي للطفل هو نمو أجيال بها شرائح عشوائية تهدد الكيان أو الهوية العربية بالفناء ، وتفوق تلك الخطورة من حيث الأثر خطورة قصف علمنا العربي بالسلاح النووي ، فما فشلت الجيوش المعادية في تحقيقه يمكن أن يتحقق بسبب القصور في النظم التربوية وإهمال مستقبل الطفل العربي .

حال الطفل العربي

عقم البرامج التربوية : تصل قمة الخلل التربوي في مرحلة رياض الأطفال بتعليم الطفل لغات أجنبية في مرحلة الطفولة المبكرة ، لأن الازدواج في تعليم اللغة في هذه المرحلة غالباً ما يكون على حساب اللغة الأم, وذلك وفقاً لأدلة مستمدة من علم النفس التربوي والتطبيقات العملية والظروف المالية والإدارية للتعلم.

ويعد عالم اللغة الإنجليزي مايكل وست من أول المناهضين لتعليم اللغات الأجنبية في سن مبكرة, وأيد هذا الطرح الراحل العربي عبد العزيز القوصي, مدير مركز اليونسكو للتربية في بيروت خلال الخمسينات, الذي طالب بإلغاء اللغة الأجنبية من مناهج المرحلة الابتدائية في الدول العربية.

إن تعلـم لغة ثانيـة عمليـة معقدة جداً ومرهقة لصغار الأطفال, ففي مرحلة الحضانـة ورياض الأطفـال يكـون الأطفال فيها أكثر حاجة لتعلم لغتهم العربية الأصلية, وتعليم اللغة الإنجليزية في الصفوف الأولى ربما يكون له تأثيره السلبي على النسق الحركي البصــري للطفل , مما يشكل صعوبة في الكتابة للغتين كل منهما تكتب في اتجـاه معاكـس للأخرى ، كما إن اللغـات الأجنبيـة لا تعمـل بنفس الوحدات اللغوية وعناصرها التي تحملها اللغة العربية من الناحية الصوتيـة والنحوية والدلالية, وهذا التباين قد يؤثر سلباً على اللغة الأم. وتنذر هذه المشكلة بتفشي ظاهرة العربي الممسوخ ، لا هو بالعربي أو بالغربي ، وهذا بخلاف مشاكل التعليم الأخرى.

التأثير السلبي للدراما : يقع الطفل العربي تحت طائلة الدراما الفاسدة ويتم تشكيل الوجدان والعقل بعادات وسلوكيات لا تناسب التقاليد العربية وذلك لأن أكثر من خمسين بالمائة من دراما وبرامج الأطفال مستورد ، والبرامج المحلية معظمها غير متخصص وسطحية ، وتؤثر سينما الكبار أيضا علي الطفل وخاصة في مرحلة الطفولة المتأخرة (12:9) سنوات من خلال غرس مفاهيم إباحية علاوة علي تصدير ثقافة العنف ، وقد نشرت منظمة (الائتلاف الدولي ضد العنف التلفزيوني) بحثاً استغرق إجراؤه (22) عاماً، أظهر الأثر التراكمي للتلفزيون الذي يمتد حتى عشرين سنة لتظهر نتائجه. وخلص البحث إلي أن هناك علاقة مباشرة بين أفلام العنف التلفزيوني في الستينات، وارتفاع الجريمة في السبعينات والثمانينات، وقالت المنظمة إن ما يتراوح بين (25% و50%) من أعمال العنف في سائر أنحاء العالم سببها مشاهد العنف في التلفزيون والسينما.

التفكك الأسرى : ويشكل التفكك عنصرا هاماً في التأثير علي شخصية الطفل العربي نتيجة الآثار النفسية والاجتماعية علي مستقبل الطفل وفي إحصائية نشرتها الجزيرة نت في 21/9 /2007 أن نسب الطلاق في العالم العربي في نمو مستمر فقد بلغت في السعودية 21%، وفي الإمارات العربية 44%، وقطر 30%، والكويت 32%، ومدينة الرباط في المملكة المغربية 46%، وفي مصر تسجل 240 حالة طلاق يوميا، أي بمعدل مطلقة كل ست دقائق ، وفي البحرين 17%، وليبيا 4.6%، والأردن 3.6%. ، ومشاكل الطلاق عموما تقصف كيان الطفل وتؤثر عليه تأثيرا بالغاً.

وتطل أمراض الفقر والتخمة : علي شريحة كبري من الأطفال العرب ، فهناك سوء التغذية وذلك يسبب نحو 35% من عبء المرض الذي ينوء به الأطفال دون سن الخامسة ، وتتضح تلك الحالة بصورة أكثر وضوحاً في السودان حيث تشير إحصائيات وزارة الصحة بولاية الخرطوم الرسمية أن أمرض سوء التغذية تتصدر أسباب الوفيات من بين 8 أمراض ، ومن لم يفارق الحياة يعاني من مشاكل صحية تنعكس فيما بعد علي مستوي التحصيل والتعلم ، أضف إلي ذلك غياب أو ضعف نظم الرعاية الصحية.

وتعاني شريحة أخري التخمة جراء من الإفراط في تناول أنواع الطعام المختلفة وخاصة عند أبناء الطبقة المترفة ، وهذا يؤدي إلي السمنة ويهدد بحدوث أمراض خطيرة مثل أمراض القلب والذبحة الصدرية والسكري وارتفاع الضغط الدموي وتصلب الشرايين وغيرها ، والنتيجة أن هناك أطفال يمكن أن تموت من التخمة أو الفقر والمحصلة هي أجيال معتلة ، وتلك هي بعض النماذج وليس حصراً لها .

مقارنة الطفل العربي بأطفال الدول الأخرى

في ألمانيا : علي النقيض في بلادنا يلقي الطفل اهتماماً كبيراً يتمثل في دعم اﻷﺳﺮة ، وتنمح الدولة أﺣﺪ اﻟﻮاﻟﺪﯾﻦ منحة تفرغ ﻋﺎم بأجر 67% ﻣﻦ آﺧﺮ دﺧﻞ للمتفرغ ، و ﯾﻘﻞ ھا اﻟﺘﻌﻮﯾﺾ ﻋﻦ 300 ﯾﻮرو، و ﯾﺰﯾﺪ ﻋﻦ 1800 ﯾﻮرو ﺷﮭﺮﯾﺎ. وﯾﻤﻜﻦ ﺗﻤﺪﯾﺪ ، وتحصل الأسرة علي دعم عائلي إضافي يقدر بنحو 184 ﯾﻮرو ﺷﮭﺮﯾﺎ للمولود الأول والثاني ، و190يورو للثالث ، و215 يوروﻋﻦ ﻛﻞ طفل آخر حتي ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻣﻨﺔ ﻋﺸﺮة. وﻣﻦ ﺷﺄن ھه الدعم ﺗﺴﮭﯿﻞ ﻋﻤﻠﯿﺔ اﻟﺘﻮﻓﯿﻖ ﺑﯿﻦ اﻟﻌﺎﺋﻠﺔ واﻟﻌﻤﻞ واﻟﻤﺴﺘﻘﺒﻞ اﻟﻤﮭﻨﻲ ﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻶﺑﺎء واﻷﻣﮭﺎت ﻋﻠﻰ اﻟﺴﻮاء .
تهتم ألمانيا بحق ﻛﻞ طﻔﻞ في اﻟﺤﺼﻮل ﻋﻠﻰ ﻣﻜﺎن بدار اﻟﺤﻀﺎﻧﺔ ﻣﻨﺬ ﺑﻠﻮﻏﮫ ﺳﻦ اﻟﺜﺎﻟﺜﺔ وﺣﺘﻰ وﺻﻮﻟﮫ ﺳﻦ دﺧﻮل اﻟﻤﺪرﺳﺔ (6 ﺳﻨﻮات) وبلغ عدد الأطفال بدور الحضانات في ألمانيا عام 2013 نحو 750 طﻔﻞ ألف طفل . ، وتبلغ الرعاية قمتها في تحديد احتياجات الطفل العلمية والصحية والمستقبلية بحيث يجد عند النضوج فرصة العمل التي تتناسب مع إمكانياته.

وفي اليابان : تبدأ الأسرة بتعليم الطفل في مراحله الأولى ، وتحوي المنازل الكتب التعليمية الموجهة للأطفال للأعمار دون سن المدرسة بالإضافة إلى البرامج التلفزيونية التعليمية المخصصة للأطفال وغالبا ما ينصب التعليم المنزلي على تعليم الآداب والسلوك الاجتماعي المناسب واللعب المنظم، بالإضافة إلى المهارات الأساسية في قراءة الحروف والأرقام . أهم ما تحرص عليه الأم اليابانية هي تربية طفلها علي تجنب المواقف التي تسبب مضايقات للغير، مما يمنح الطفل مستقبلاً قدرة هائلة علي تدبر العواقب جراء التصرفات والأفعال .

ويتكامل المنزل مع دور رياض الأطفال قبل المدرسة في إكساب الطفل المهارات الاجتماعية الأساسية، والتعرف على البيئة والعلاقات الإنسانية ، وتفوق نسبة الأطفال الملتحقين بالمرحلة الابتدائية في اليابان نسبة 99% . ولا تتعدى المدارس الخاصة 1% . والطفل الياباني يلقي ترحيبا مجتمعيا أينما حل وهو الضيف المدلل لدي الشعب الياباني .

الأطفال في إسرائيل : تشكل نحو33% من عدد السكان ، وتوفّر الدولة لهم نظامًا متقدّم للغاية من الخدمات الصحّية والطبّية ،فمنذ فترات الحمل الأولي تتلقي الأم خدمات الصحّية طوال فترة حملها ، وتتولّى الحكومة إدارة سلسلة من العيادات لرعاية الأمومة والطفولة ، وتصل نسبة تطعيم الأطفال في إسرائيل تبلغ ما بين 91 و96 % ، وبفضل تلك الرعاية أصبحت نسبة وفيات الأطفال في أدنى من أو تعادل النسبة ذاتها في الدول المتقدّمة . أضف إلي ذلك تطور نظم التربية التي توفّر بموجبه الدولة تربية عامّة مجانية للأطفال بين الخامسة والثامنة عشرة من العمر, وتتعاون المنظمات الأهلية والحكومة في تقديم كل الخدمات اللازمة للطفل بما يعزز ثقافة الانتماء هناك.

ومشاكل التفكك الأسري والعنف في الدراما في بلادنا هي نفسها مشاكل الطفل الأوروبي ، بيد أن الغرب يمتلك القدرة علي علاج تلك الآثار عن طريق قوة المناهج التربوية والرعاية الصحية والنفسية والمادية للطفل ، وتتطلب المشكلة عقد قمة عربية وتشكيل لجان متخصصة لوضع برامج تربوية وإعلامية وفنية واقتصادية لإنقاذ مستقبل وهوية العالم العربي.





بوابة الوطن العربي بتاريخ 1/ / 10/ 2014



تعليقات

التنقل السريع