القائمة الرئيسية

الصفحات

توحيد السعودية حولها إلى قوة اقتصادية



 يُعد إعلان قيام المملكة العربية السعودية على ملكها الراحل، عبد العزيز آل سعود في 23 سبتمبر عام 1932 نقطة فارقة في تاريخ المنطقة، حيث تم تنظيم الدولة وطرق إدارتها، ووضعت الخطط بهدف تحقيق التنمية الشاملة، وقد قطعت المملكة شوطًا كبيرًا في هذا الاتجاه، وقد توجت جهودها على الصعيد الدولي؛ بأن أصبحت قوة عظمى في مجال الطاقة، بوصفها أكبر مصدر للنفط في العالم، وهذا أهلها للانضمام لمجموعة العشرين الدولية، والتي تنتج نحو 80% من إجمالي الإنتاج العالمي، وتسيطر على 75% من حركة التجارة الدولية، ويمكن متابعة نجاح الدولة السعودية في مجالات التنمية من خلال المحاور التالية:

 أولا: الصعيد الإنساني: قدمت المملكة العربية السعودية منذ عام 1975: 2021 نحو 46.83 مليار دولار أمريكي،  كمساعدة إنسانية، منها دعم 3701 مشروع تنموي في 156 دولة،  أو مساهمات مالية لدعم المنظمات الأممية، والهيئات الدولية، وغيرها. وترجع أهمية هذا التواجد الاقتصادي والإنساني؛ في أنه يمنح المملكة قوة تأثير إقليمية ودولية،  تصب في صالحها، وفي صالح بعض القضايا العربية.

ثانيًا: مواجهة ندرة الماء : تحاول السعودية مواجهة ندرة المياه ، بمشاريع عملاقة ، حيث أنها تقوم باستغلال مواردها من المياه بنسب حوالي 1000٪: 1200٪ من المياه المتجددة ، وتعالج هذا العجز ، بالسحب من المخزون الجوفي، أو بالتوسع في عملية إعادة معالجة الماء المستخدم من ذي قبل، أو بزيادة إنتاج المياه المحلاة من البحار المالحة.

  وقد أنتجت المملكة عام 2019 فقط  1.88 مليار متر م3 من المياه المحلاة، وتهدف من خلال التوسع في مشاريع التحلية؛ إلى خفض تكلفة إنتاج المتر المكعب إلى 1.2 ريال. وذلك عبر تطبيق تقنية "القبة الشمسية" عام 2020م، وهي تقنية صديقة للبيئة، يمكن أن تشكل أسلوبًا عالميًا لمواجهة ندرة الماء، إذا لم تظهر تكنولوجيا أحدث وأرخص منها خلال السنوات القادمة.

ثالثًا: المجال الزراعي: الطبيعة القاحلة للأراضي السعودية ، إلا أن المملكة قد نجحتًا في عدة مجالات زراعية منها:

1 - إنتاج التمور: لقد بذلت الحكومات المتعافية جهودًا حثيثًا في مجال إنتاج التمور، لأنها من المزروعات التي تناسب طبيعة المناخ الصحراوي، وبعد قيام المملكة بإصدار النظام الأساسي لمجلس التمور الدولي، في 25 أكتوبر 2016،  حققت قفزة نوعية في مجال إنتاج التمور، وانتقلت من المركز الثالث عالميًا، إلى المركز الثاني عام 2020م،  حيث بلغ إنتاجها  1.5 مليون  طن تقريبًا، صدرت منه إلى الخارج  نحو 215 ألف طن، بمعدل نمو عن عام 2019م بلغ 7.1%.    

 


2 - زراعة الحبوب:  حبة تدرة الماء ؛ تحاول المملكة خوض تجربة الإنتاج المحلي ، وخاصة في زراعة: القمح والشعير والذرة والسمسم والدخن وغيرها ؛ أمريكا تحقيق نسبة من الأمن ، ومتابعة حجم الإنتاج السعودي خلال الفترة (2019: 2019)  حيث تشير البيانات إلى المملكة ؛ قد نجحت في إنتاج نحو 6.35 طن من الحبوب المختلفة ، خلال خمس سنوات.

وقد بلغ مجموع الإنتاج الزراعي من الحبوب والخضروات والفواكه والأعلاف عام 2019 فقط ؛ نحو 11.91 مليون طن.

3- الزراعة العضوية بالسعودية: ترجع أهمية هذا النوع من الزراعة في الزراعة ؛ وقد بدأت المملكة خطوتها العملية في هذا المجال منذ عام 2005 م ، وقد بلغت مساحة الزراعة العضوية نحو 270 ألف دونم ، وفي حين بلغ حجم الإنتاج المحلي للزراعة العضوية نحو 98 ألف طن ، عام 2020 م. ستستمر في الاستمرار في العمل ، تعمل بالنشاط الوظيفي على أحدث أساليب الزراعة الحيوية.

4 - الثروة السمكية : تمثل الثروة السمكية مجالا فترات من البروتين ؛ عوضًا عن نقص اللحوم بالمملكة التي تعاني كباقي البلدان الطبيعية الصحراوية ، ويتم ذلك من خلال محورين:

أ- الاستزراع السمكي: بدأ توجه المملكة نحو الاستزراع بإنشاء أول مركز بحثي للمزارع السمكية في جدة عام 1981؛ بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة بهدف استزراع بعض الأصناف، وتأسست محطة تفريخ أسماك المياه العذبة في "ديراب" جنوب مدينة الرياض بالتعاون مع حكومة تايوان عام  1982، وتم  منح الترخيص لأول مزرعة لإنتاج أسماك "البلطي" في المنطقة الشرقية في السعودية، لسيدة الأعمال أمل عنبتاوي.

ويمثل وصول الصادرات السمكية إلى بعض الأسواق الأوروبية نجاحًا في هذا الشأن، حيث بلغت صادرات السعودية من الروبيان عام 2018 نحو 40 ألف طن، وبلغت صادراتها من المنتجات السمكية المستزرعة عام 2019، 60 ألف طن.  وقد رصدت المملكة  أربعة مليارات ريال وحددت هدف إنتاج 600 ألف طن من المزارع السمكية بحلول 2030م.  وهذا الهدف قابل للتحقيق.

ب –المصايد الطبيعية: تمثل السواحل البحرية للسعودية، التي يبلغ طولها نحو 3400 كيلو متر على البحر الأحمر والخليج العربي؛ فرصة هائلة لتنمية الصيد من المصادر الطبيعية. علاوة على فرص الاستزراع السمكي في المياه المالحة، حيث تمتلك السعودية شروبًا بحرية تبلغ  1.15 مليون كيلو متر مربع.

   وهذا النجاح النسبي بقطاع الزراعة السعودي، في ظل قسوة المناخ الجاف، يحسب لمتخذ القرار بالمملكة، ويمكن البناء عليه، كما أنه يعكس مدي الجدية في مواجهات التحديات المستقبلية؛ في مجال توفير الغذاء.

رابعًا السياحة: تعُد السواحل البحرية الطويلة للمملكة، مجالا لإقامة الكثير من المشروعات السياحية،  وهذا مصدرًا حيويًا لتحويل جزء من السياحة الخارجية إلى داخلية، لمنع تسرب العملة الوطنية للخارج، أو لجلب السائحين  جدد مستقبلاً، وهذا يعزز فرص تنمية الموارد في عصر ما بعد النفط، علاوة على حركة السياحة الدينية الوافدة إلى المملكة.



خامسًا الصناعة: تحاول المملكة زيادة نسبة مساهمة الصناعة في نسبة الناتج المحلي، استعدًاد لمرحلة ما بعد النفط، وهذا القطاع قابل للنمو، حيث تسير الصناعات السعودية في مجالين:

ا- صناعة تكرير النفط: وهو مجال حيوي، وقد بلغت إنتاجية مصافي النفط السعودية نحو  7.2 مليون برميل في اليوم حسب بيانات 2018، بما يعادل 3 ٪ من إنتاج مصانع التكرير بالعالم،  ونحو 47 ٪ من إجمالي الإنتاج بدول مجلس التعاون الخليجي، وهذا نجاح نسبي، يعكس  مدى توظيف الخام المحلي كمدخلات صناعية، وهذا المجال يقبل النمو بحجم صادرات المملكة من  النفط الخام.

2- الصناعات التحويلية:  رغم أن قطاع الصناعات التحويلية بالمملكة لا تمثل هذه الصناعة سوى 10% من حجم الناتج المحلي، ألا أن قابل للنمو، وقد أسفرت الجهود الحكومية في هذا الشأن؛ عن زيادة عدد المدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن"؛ إلى نحو 36 مدينة عام 2020. وتضمّ هذه المدن أكثر من 4 آلاف مصنع منتج، أو تحت الإنشاء، في عدة مجالات منها: المنتجات الغذائية، المشروبات، المنتجات والمستلزمات الطبية، المعادن، مواد البناء، المواد الكيميائية ومنتجاتها، المنتجات النفطية المكررّة، المنسوجات، الجلود، المعدات والمكائن، و المركبات والمقطورات، والمنتجات المطاطية والبلاستيكية، وصناعة الحواسيب والمنتجات الالكترونية والبصرية.

 وقد بلغ إجمالي الاستثمارات السعودية بتلك المدن الصناعية نحو 370 مليار ريال سعودي.  وهذا الإنفاق رفع قوة عمل بالمدن الصناعية إلى نحو 517 ألف عاملا تقريبًا، منهم 202 ألف سعودي وسعودية، بمعدل تشغيل محلي 39%.

3- الصناعات العسكرية: تحاول المملكة رفع معدلات التنمية بقطاع الصناعات العسكرية؛ تعويضًا لفترات السكون التي مرت بها، عبر دعم الهيئة العامة للصناعات العسكرية، والشركة السعودية للصناعات العسكرية (SAMI)، وغيرها، وذلك بهدف تأهيلها إلى الوفاء باحتياجات الدفاع بنسبة 50%  على الأقل، وهذا يعزز قدرات الدولة في مجالات الدفاع والأمن، وفقًا لرؤية 2030م.

 ومن الجدير بالذكر أن التقدم الصناعي بالمملكة؛ لا يقاس إلا بقدرتها على التحول من استهلاك التكنولوجيا؛ إلى توطينها وإنتاجها، هذا الموضوع يحتاج إلى تحليل عميق، ليس مجاله في هذا المقال.

سادسًا التعليم: ونظرًا لأن التعليم هو قاطرة التنمية،  التزمت رؤية 2030م بالمملكة، بضرورة أن يسهم التعليم في دفع عجلة الاقتصاد، ويسد الفجوة بين مخرجاته وبين متطلبات سوق العمل، ومن اشتراطات التعليم الجيد؛ حصول مؤسستها على تصنيف متقدّم في المؤشرات العالمية؛ التي تقيس مستويات التحصيل التعليمي.

سابعًا: مؤشر نجاح التنمية: لا يوجد دليل أقوى من استعانة المملكة بنحو 10.2 مليون عامل من معظم بلدان العالم،   لتلبية زيادة الطلب على عنصر العمل، المشتق من التوسع في مجالات الإنتاج المختلفة، وهذه القفزات الاقتصادية لو استمرت على هذا النحو؛ سوف تنجح السعودية في تبوء مقعدها كقوة اقتصادية واعدة، وهذا النجاح السعودي؛ يحتاج إلى تضافر كل الجهود، لدعم التنمية في ظل السلام الإقليمي والدولي؛ فكما أسفر توحيد المملكة عن تحقق هذا القفزات الاقتصادية الهائلة، سوف يسفر تطبيق آليات التخطيط الاستراتيجي، إلى تحويلها إلى قوة تكنولوجية، وهذا هو الهدف الأسمى.



 

تعليقات

التنقل السريع