تتزايد الآثار السلبية للإرهاب في مصر، بسبب
تفاقم العمليات الإجرامية التي تستهدف الدولة المصرية، والقوات المسلحة، والأمن،
ومرافق الدولة، وسوف نعرض بعضًا من هذه الخسائر كما يلي:
أولا: الخسائر السياسية: فعلى الصعيد السياسي تهدِّد العمليات الإرهابية بُنيان الدولة، وتؤدي إلى
زعزعة الاستقرار، وتصدّع الجبهة الداخلية، كما أنها تساعد القوي التي تسعى للإضرار
بمصر في تحقيق أهدفها.
ثانيًا: الخسائر الاقتصادية: يؤثر الإرهاب على مخطّطات التنمية بمصر،
ويضرب الاستثمار والتمويل في مقتل، فتتوقف المشروعات الجديدة، ولعل من أبرز الآثار
السلبية نمو النفقات العسكرية، والأمنية، وارتفاع قيمة الدَين الخارجي، والدَين
الداخلي، وزيادة معدَّلات البطالة، وانخفاض سعر العُملة، وانتشار التضخم، علاوة
على الخسائر المادية في المنشآت والمعدات
والمرافق المستهدَفة.
ويمكن القول أن هذه الخسائر ربما تقترب أو
تساوي من حيث النتائج؛ الدمار الذي تسبّبه الحرب العسكرية، وبمقارنة الخسائر التى
تكبَّدها الاقتصاد المصرى فى الفترة ما بين نكسة 1967 وحرب أكتوبر 1973م،
والتي قُدِّرت بنحو 11 مليار جنيه بما
يعادل 25 مليار دولار حينها، مع خسائر السياحة المصرية منذ 2011م حتى 2016م، سوف
نجد أن مصر خسرت بسبب تصدّع السياحة نحو 22.335 مليار دولار في ست سنوات، وهذا
المبلغ يوازي نحو 89% من القيمة الإسمية لخسائر حرب أكتوبر.
وحتى لا تكون الأرقام مضلِّلة، فإن هذه الخسائر حسب القيمة الحقيقية للدولار،
الذي كانت قيمته 44 قرشا في عام 1973م، والذي تضاعف 14 مرة حتى نوفمبر
2016م، ثم 40 مرة تقريبا حتي اليوم، مما يعني خسائر السياحة وحدها تمثل نحو
6.4% تقريبًا من الخسائر الحقيقية لحرب أكتوبر.
ثالثًا: الأضرار الأمنية
والعسكرية: فقد تطورت العمليات الإرهابية التي تستهدف الدولة، فبعد
أن كانت المواجهة تقتصر على استهداف
الشرطة، والكنائس، والسياحة، تحوَّلت هذه العمليات نحو القوات المسلحة
أيضًا، وحسب مركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية منذ ٤ يوليو ٢٠١٣م حتي ٢٥ يناير ٢٠١٧م وقعت نحو 1225 عملية إرهابية، وقد بلغ إجمالي عدد الضحايا من
الجيش والشرطة في هذه الفترة حوالي (٩٠٠)
شهيد من قوات الأمن (جيش وشرطة)، وهذا العدد بعد حادث الواحات وغيرها ربما يرتفع
إلى ما يقرب من 1100 شهيد، بما يوازي 10% تقريبًا من خسائر مصر من القوات في حرب
عام 1973م.
رابعًا: المشاكل النفسية
والاجتماعية: تختلف آثار الصدمة النفسية الناجمة عن الإرهاب من شخص
لآخر، وبالتالي فإن التعرّض للحوادث الإرهابية قد يُحطِّم الأمل والثقة بإمكانية
الحصول على الأمن من جديد.
أما الأطفال الذين يفقدون ذويهم
فيتعرضون لمختلف الصدمات النفسية، التي
تهدد النمو العقلي والبدني لديهم، وتؤثر على استقلالهم الذاتي، وثقتهم بالنفس.
وتعاني المرأة الأم، والزوجة، والابنة من عدم
التوافق النفسي، وتراجُع مستوى الصحة النفسية، وغيرها من آلام؛ بسب فقد ذويهم.
أما
الآثار الاجتماعية فتظهر في تصدّع
بنية المجتمع، وتعد النساء والأطفال من ضحايا الإرهاب حيث تضطر النساء والفتيات
إلى تحمّل المزيد من المسئوليات المتعلّقة بتوفير الأمن والرفاه للأسرة، وأحيانا
ما يحدث ذلك دون وجود ما يلزم من موارد أو دعم اجتماعي.
خامسا: مواجهة المشكلة: عندما نواجه مثل هذه المشكلة ينبغى طَرْق
كافة السُبل للقضاء على الظاهرة، وإذا كانت بعض التيارات تُغلِّب معيار تصفية
حركات الإسلام السياسي بالقوة، وهو نفس الرأي الذي رفعته منظمة الشباب الأحرار
الجزائرية أثناء العشرية السوداء بالجزائر، عندما بدأ الصراع منذ يناير عام 1992
حتى 2002م تقريبًا، بيد أن التجربة العملية أثبتت أن أطراف الصراع بالجزائر لم ينتبهوا إلى أهمية المراجعات
الفكرية إلا بعد سقوط ما يقرب من 100 ألف من الضحايا.
ومن ثَمَّ يجب طرق هذا الباب لأن الاعتماد
على الشق الأمني وحده غير كاف لمواجهة الظاهرة، فربما تكون المواجهة الحاسمة مع
التطرف تكمن في نسف البنية الفكرية للإرهاب حتى نستأصل شأفة هذه الجرائم من
جذورها، بالقضاء على الفكر المنحرف، وتصحيح بعض المفاهيم لدى القوة الغاشمة التى
تحمل السلاح في وجه المجتمع والدولة.
وخلاصة القول: إن ظاهرة الإرهاب أصبحت في منتهى الخطورة،
ويمكن أن تسبب خسائر تفوق خسائر الحروب، ومن ثَمَّ يجب طَرْق باب المراجعات
الفكرية.
تعليقات
إرسال تعليق