القائمة الرئيسية

الصفحات

القصة الومضة وأدب الإنترنت دراسة - لكتاب الساخر في معجم المرأة



                             دراسات

دراسة نقدية في رحاب كتاب الساخر في معجم المرأة للكاتب والمدون خالد إبراهيم أبو العيمة  والصادر عن دار كتب خانة للطبع والنشر والتوزيع  في يوليو 2015  ، قد جاء الكتاب في 144 ورقة من القاطع المتوسط  75%منها   في أدب القصة الومضة ،  وسوف يتم تناول ما جاء بالكتاب من ومضات أدبية  علي اعتبار أن الأصناف الأخري قتلت بحثًا ، وخاصة أن الكاتب ولج في موضوع شائك   عندما توغل بلا  رحمة أو هوادة  في عالم المرأة  ، وهذا الكتاب هو الثاني من نوعه في  أدب القصة الومضة بمصر بعد كتاب الأديب مجدي شلبي "كنوز القصة الومضة" والصادر في ذات العام.

وحسب الكثير من الأراء ،عُرفت القصة الومضة بأنها  : قصة قصيرة جدا جدا، يشترط بعض المهتمين فيها ألا تزيد كلماتها عن خمس عشرة كلمة. ويعد هذا النوع من الأدب وليد استخدام  التكنولوجيا  الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي التي أسفرت عن إنتاج  أشكالا أدبية مازالت محل تجاذبات  بين الرفض والقبول ، بيد أن صدور كتابين دون سابق ترتيب  كان بمثابة ميلاد  لهذا  الفن الذي أصبح قائمًا بذاته. ويقول الأديب مجدي شلبي "إن القصة الومضة فن أدبي مبتكر، يعرف بأنه نص أدبي يتكون من شطرين. بدنه "أدب الحكمة: صوت العقل، سحر البيان، سلامة الفكرة، قوة اللفظ، وبلاغة التعبير"  

الشرعية العلمية للقصة الومضة

وكدليل علي نمو الظاهرة فقد طلبت بعض الجامعات العربية كتاب  "كنوز القصة الومضة"  لرئد هذا المجال مجدي شلبي لتدريسه  ، وأن  الدكتورة العراقية عزة عدنان أحمد عزت قالت : "أعجبني أن طلب بعض الإخوة الأعزاء كتابكم لتدريسه في الجامعة... و يسعدني أن أكون قد سبقته بذلك و درسّت بالفعل عددا كبيرا من الومضات في مادة تحليل نصوص لغوية مختارة للمرحلة الثالثة/ قسم اللغة العربية في جامعة زاخو/ كوردستان العراق  وكان من أسئلة الامتحان النهائي للعام المنصرم 2014-2015 نماذج من الومضات المعروضة في الرابطة العربية للقصة الومضة " ومن هذا المنطلق أصبحت القصة الومضة حقيقة علي أرض الواقع لها كتب تطبع وتدرس في المحافل العلمية .
 
د عزة عدنان أحمد

اشكالية التوصيف

في البداية  كان يحلو للبعض أن يطلق علي القصة القصيرة جدا لقب القصة الومضة إلي أن وضع مجدى شلبي  بعض الشروط في  كيفية التفريق بين (القصة الومضة) وغيرها من الأجناس الأدبية :-  
أولا: القصة الومضة طبقا لما أرسيته من أسس ودعائم، وما حددته من عناصر وأركان، وما وضعته من معايير وضوابط؛ هي نص أدبي مبتكر يتكون من شطرين.
وطبقا لهذا: (كل نص يتكون من شطر واحد لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره قصة ومضة).

 ثانيا: بدن القصة الومضة (أدب الحكمة: صوت العقل، سحر البيان، سلامة الفكرة، قوة اللفظ، وبلاغة التعبير)، وما ثوب القص إلا غلالة رقيقة شفافة وضيقة؛ هدفها إبراز مفاتن النص الذي هو الأصل. وطبقا لهذا: (كل نص يطغى فيه فن القص على أدب الحكمة؛ لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره قصة ومضة)

 ثالثا: (الومضة) برقة خاطفة، ظهورها مفاجئ، ومبهر، وعابر؛ زمنها لا يستوعب سردا حكائيا. وطبقا لهذا: (كل نص لا يراعي زمن الومضة (البرقة) ويعتمد تفاصيل السرد الحكائي حتى لو جاء في شطرين؛ لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره قصة ومضة).

رابعا: الومضة (برقة) تنتج عن اصطدام بين شطرين (سحابتين) أحدهما بشحنة موجبة والأخرى شحنته سالبة، وتتوقف قوة الومضة على عوامل عديدة منها قوة الشحنة، وشدة الاصطدام. وطبقا لهذا: (كل نص لا يعتمد على المفارقة القوية والإدهاش الشديد؛ هو نص باهت لا يمثل بحال من الأحوال إبداع القصة الومضة)

 خامسا: يومض البرق، ويقصف الرعد؛ فتحدث الصاعقة.وطبقا لهذا: (كل نص لا يترك في نفسك أثرا قويا وصادما؛ لا يمكن بحال من الأحوال اعتباره قصة ومضة).
 سادسا: يعقب الصاعقة؛ هطول المطر. وطبقا لهذا: (كل نص لا يفتح باب التأويل لانهمار الدلالات والمعاني لا يمكن بحال من الأحوال اعتبارة قصة ومضة).


الأديب : مجدي شلبي مؤسس قواعد القصة الومضة 

وحتي يتم الخروج من هذا المأزق  يمكن تصنيف كتاب خالد إبراهيم علي أنه كتاب للقصة القصيرة جداً وفقًا لشروط مجدي شلبي الفنية ، أو كقصص ومضة وفقًا للمفهوم التقليدي من حيث الحجم ، وحتي لا أثقل علي نفسي وعلي القارئ  سوف اتعرض للكتاب من حيث المضمون ، وأن لفظ الومضة   إن  تم استخدمته لا حقًا فهو يعني القصة القصيرة جداً. وهي من آليات أدب الأنترنت الرائع .


موقف الأدب من المرأة

لا يختلف موقف القصة الومضة من المرأة عن موقف الأدب الكلاسيكي فكلاهما يحمل ذات المواقف ، فكما كان الأديب توفيق الحكيم يقذف  المرأة بقسوة  ولج الكاتب خالد إبراهيم إلي ذلك المنعطف ، وكما كان إحسان عبد القدوس يؤسس  في عالم الرواية لحرية المرأة سايره الكاتب في بعض الومضات ، ومن ثم فأننا سوف نجد أنفسنا أمامنا كاتب أنقسم علي نفسه في صياغية مشروعه الفني تارة معها وتارات كثيرة ضدها إلي أقصي درجات التطرف وأن كان الكاتب قد مهد لهذا التطرف بأنه يستهدف في النقد  المرأة القبيحة .


الأديب الراحل إحسان عبد القدوس
ا

التمهيد للمعركة

يعد خالد إبراهيم مؤلف كتاب الساخر في معجم المرأة مدون، وقد أسس مدونة سور الأزبكية منذ قرابة عقد من الزمان ، ومن خلال علاقته  المباشرة بتكنولوجيا باكورة أعماله بعض التدوينات التي جمعها في هذا الكتاب كمنوذج لمبدع تخرج من مدرسة شبكات التواصل الاجتماعي لينتج  ومضات  متكاملة الأركان . وقد استهل الكاتب مشروعه الأدبي بإهداء رقيق" إلي كل امرأة تؤمن أنها جميلة وإلي كل رجل يحترم هذا الجمال .إلي كل من يحلم أدعوكم كي نتفق علي الحب ونتخلي عن الكراهية"  سوف يجد المتابع أن أهم ما يلفت النظر في هذا الإهداء هو لفظ :"كل امرأة تؤمن أنها جميلية" ومن البداية يؤكد الكاتب أن فلسفة الجمال هي إحساس داخلي ، وبالضرورة لا يأتي هذا الأحساس إلا لمن تمتلك الفطرة السوية. ومن هذا التحديد القاطع نجد أن الإهداء قد استثني المرأة التي بداخلها قبح من أي إهداء ؛ ومن ثم جاء هذا التمهيد ليلفت الأنظار أن  القذائف القادمة والهجوم الشرس موجه نحو ذاك الصنف القبيح. وما يؤكد هذا المعني أنه ثمن موقف أي رجل يحترم الجمال الداخلي لدي المرأة.  ولذا سوف أحاول تصنيف بعض ماورد بالكتاب في بعض النقاط منها :


خالد ابراهيم يتوسط الفنان الكبير خالد حمزة  / والناقد خالد جودة

الموقف الإيجابي من المرأة

استهل الكاتب ومضاته "أفضل النساء أمي وأمك" وهذه الومضة بمثابة إقرار لا يقبل الشك بقدسية الأمومة كعاطفة سامية بوصفها الأرض الخصبة التي نبتت منها البشرية جمعاء . وفي إقرار بأن المرأة هي واحة الأمان بالنسبة للرجل يقول:"لملم شتاتك بامرأة" وهو يتفق بهذه الومضة مع المنطق فالأنثي الناضجة تستطيع لملمت شتات أدم عندما تبعثره أهوال المحن ونائبات الزمن ، كأنها ممغنطة لتجذب ذرات التيه لدي المبعثرين لتحول أوج ثورتهم إلي سلام ، وهناك تناص معنوي مع القرآن الكريم في قوله تعالي: "رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار" وأذا كانت حسنة الآخرة هي الجنة فأن حسنة الدنيا كما ورد ببعض التفاسيير هي الزوجة الصالحة ، ويؤكد الكاتب هذا المعني بصورة جلية عندما يقول:"المرأة الجميلة هي بستان الرجل" والجمال بمفهومه الشامل يعني كل الصفات الحميدة من صدق ونظافة ورقة وأمانة وفطنة وروح طيبة . كذلك تبلغ ذروة الإقرار بصدق المرأة حينما تحب في ومضته "الرجل الذكي هو من يصدق كلام المرأة" فمن عادات المرأة إنها أذا أحبت سوف تكون صادقة مع حبيبها في كل همسة .والومضات السابقة تتفق مع الأهداء الذي استهل به الكاتب كتابه.




ومن الومضات التي تُنصف المرأة :"المرأة مهندس ماهر في التعامل مع محيطها" وهي أعتراف بقدرات حواء العقلية علي التفاعل مع الآخرين ، وكذلك ومضة:"المرأة طبيب جراح مع زوجها" ومتي وجد هذا الصنف من النساء طابت الدنيا : وومضة :"المرأة كائن واقعي متجدد الأفكار" تنفي عن المرأة صفة التبلد وتؤكد  إيمان الكاتب بقدرتها علي التطور. وهذا الومضات الإيجابية تنطبق علي المرأة السوية فقط وأن كانت  صياغتها قد تمت في المطلق.


الومضات المناهضة للمرأة


وتمثل تلك الومضات معظم مكونات ومحتوي الكتاب ،ومما لاشك فيه أن هذا النقد القاسي كانت بمثابة ضربات سوط في يد جلاد لا يرحم ؛ يريد أن يقضي علي القبح بكل ما أتي من فنون السخرية  اللاذعة ومن تلك الجلدات التي هوت فوق حسد حواء :"نحن في عصر المرأة الدولارية" وحسب رأي الكاتب فأن المرأة  لا تهتم إلا بالمال كانها آلة لعد وجرد واكتناز النقود ، وبلا أي مشاعر ؛ فنبضها هو دفتر الشيكات، وأعذب همساتها تعشقها تصدر من بين أنامل يديها أثناء عد الدولارات ، بيد أن المادية لا تقتصر عليها وحدها فهناك أيضًا الرجل الدولاري وقد يكون أشد ضروة منها.




وتنطلق الوضة التالية لتتهكم علي حواء :"للنساء ثلاثة وجوه أجملهن في الشارع"  ويلمح الكاتب للجمال المصطنع لدي بعض النسوة التي تحاولن إخفاء عيوبها بالتجمل الشكلي لتخفي ما بها عوار الطبع ، ويترك المؤلف للقارئ تخيل الوجهين الباقين ليكمل الومضة بصورتين أكثر قبحًا  ، وربما تفسر الومضة التالية أحد الوجهين :"المرأة مخلوق متسلق" بما يشي  أنها تحي لتستغل الآخرين ، ولكن علي أرض الواقع هل هذا التسلق منهج أصيل ؟ أم صفة مكتسبة  لدي المرأة ؟ ربما يكون هذا التسلق من خصال بعضهن ، ولكن غريزة الأموية قائمة لدي المرأة القبيحة ؛وهذا يعني أن المحتوي الفلسفي يتطلب عدم التعامل  مع النص بمفهوم جامد دون طرح الاستسناءات البدهية.


الومضات المتزنة


ويضم الكتاب العديد من الومضات التي تتصف بالأتزان الفكري ومنها :" المرأة كالأرض تنبت الزهر والشوك والقحط"  ودلالة تلك السمات هي أن الزهر يرمز للخير ووالشوك والقحط يرمزان للشر الكامن بأي إنسان سواء كان ذكر أم أنثي والعبرة بتغلب أحدما علي الآخر بغض النظر عن جنسه ونوعه ، وكذلك ومضة :"جسد المرأة هو الشيء الوحيد الواضح فيها" وتلك حقيقة لا يمكن إنكارها فأذا كان الجسد لوحة كاملة الملامح والتفاصيل فأن ما بداخله يصعب قراءته أو التنبؤ به . وتبدو فلسفة التعبير قاطعة ومحددة لأن أعماق المرأة كأعماق البحار والمحيطات فمهما يجول بأعماقها الغوص لن يصل إلي نهاية .

والومضة التالية في غاية الأهمية : "حنان المرأة يهدم طغيان الرجل" وتكاد أن تلمس  وصية   الأعربية "أُمامة بنت الحارث"  عندما قالت لها  لما حان أن تُحمَل "أم إياس" إلى زوجها "الحارث بن عمرو" ملك كندة، خلَت بها أمها أُمامة بنت الحارث، وقالت تُوصيها أي بُنية : إن الوصية لو تُركت لفضل أدب تُركت لذلك منك، ولكنها تذكرة للغافل، ومعونةٌ للعاقل. ولو أن امرأة استغنت عن الزوج لغنى أبويها وشدة حاجتهما إليها، كنتِ أغنى الناس عنه، ولكن النساء للرجال خُلقن، ولهن خُلِق الرجال.


أي بنية:  احملي عني عشر خصال تكن لك ذخرًا وذكرًا: الصحبة بالقناعة، والمعاشرة بحسن السمع والطاعة، والتعهد لموقع عينه، والتفقد لموضع أنفه؛ فلا تقَعْ عيناه منك على قبيح، ولا يشمَّ منك إلا أطيب ريح، والكحل أحسن الحسن، والماء أطيب الطيب المفقود، والتعهُّد لوقت طعامه، والهدوء عنه عند منامه؛ فإن حرارة الجوع ملهبة، وتنغيص النوم مغضبة، والاحتفاظ ببيته وماله، والإرعاء على نفسه وحشمه وعياله؛ فإن الاحتفاظ بالمال حسن التقدير، والإرعاء على العيال والحشم حسن التدبير، ولا تفشي له سرًّا ولا تعصي له  أمرًا؛ فإنك إن أفشيت سره لم تأمني غدره، وإن عصيت أمره أوغرت صدره، ثم اتقي مع ذلك الفرح إن كان ترحًا، والاكتئاب عنده إن كان فرحًا؛ فإن الخصلة الأولى من التقصير، والثانية من التكدير، وكوني أشد ما تكونين له إعظامًا، يكن أشد ما يكون لك إكرامًا، وأشد ما تكونين له موافقة، يكن أطول ما تكونين له مرافقة.

والخلاصة هي أن المرأة تسطيع ترويض الرجل والسيطرة عليه بالحنان ، والحنان بشكله الأمثل وبمفهومه الشامل قد يشمل كل ماسبق.

سلبية الرجل

وعلي استحياء جاءت بعض الومضات التي تبرز سلبية الرجل  ، ربما ليدفع بها  الكتاب عن نفسه تهمة معادات  المرأة ، وفي جميع الأحوال قليل الذم أو كثرته من دلائل قبح المذموم ومتي ثبتت تهمة النقصان أو جزءًا منها علي الرجل تصبح حواء وآدام في الهم سواء. ومن تلك الومضات:"المرأة أستاذ تعجبه بلاهة الرجل التليمذ" وهذه الومضة تعترف بحمق الرجل وإن صحة هذه الفرضية فلا غضاضة من سيادة المرأة علي الرجل فالمنطق يقتضي أن يخضع الأحمق للعاقل وتلك الصورة قائمة جزئيا علي أرض الواقع ولا يمكن إنكارها. وتفسر الومضة: التالية الومضة السابقة "إن الرجل لا ينضج ولا يتعلم من من تجاربه" إن أسوأ أنواع الرجال ذلك الصنف الذي لا يتعلم من أخطاءه ومادام بعض  الرجال كذلك فلا غضاضة من أن تكون المرأة هي المعلم لأن العقل فوق الذكورة والأنوثة معًا، وتعلي الومضة التالية شأن الدهاء لدي حواء :" تبتسم المرأة ابتسامة الثعلب ويبتسم الرجل ابتسامة الأرنب" ومما لاشك فيه حسب تصاريف القدر  أن الثعلب سوف يلتهم الأرنب عاجلا أم آجلا ، وعندئذ سوف نقول أن الرجال فقدت أرنبًا أكلته امرأة ، والإلتهام  الذي تقصده الومضة يعني  السيطرة  بسبب ضعف الإرادة .


ومضات متنوعة


وتتنوع الومضات التي تستخدم ألفاظًا ذات دلالات متقاربة اعتمادًا علي ثراء اللغة العربية، ففي الومضة التالية قد يبدو للقارئ تكرار المعني :"المرأة تفضل الدهاء علي الذكاء"   ولكن هناك فرق كبير بين الدهاء والذكاء  - فالدهاء من   دَهاء: (اسم)  والكلمة مصدر دهِيَ  والدَّهاءُ : فِطْنة ، ذكاء ، بَصَر بالأمور وجودة رأي مَكْر ، احتيال  أما الذكاء: ( اسم ) ذَكَاء ، وذَكاءُ الإِنْسانِ : قُدْرَتُهُ على الفَهْمِ والاِسْتِنْتاجِ والتَّحْليلِ والتَّمْيِيزِ بِقُوَّةِ فِطْرَتهِ وَذَكاءِ خاطِرِهِ .  والخلاصة في أن الدهاء  ذكاء مقترن بالتحايل والذكاء مقترن بطيب الفطرة. وتفسر الومضة التالية أختها السابقة: "دهاء المرأة يتغذي علي ضعف الرجل" فسلاح حواء هو الحيلة تلوي الآخري. كما تقول الومضة التالية:"تتجمل المرأة لينظر إليها رجل ثم تصفعه" فهي كمن ينصب الشَرك لتستر ضعفها الجسدي  بالصد والتمنع.


ثقافة المجتمع في الومضات


تبرز بعض الومضات التي تهاجم المرأة بضرواة ثقافة المجتمع السلبية تجاه حواء بصفة عامة ، فوفقًا لنظرية الإنعكاس يعكس الأدب منهج وسلوك المجتمع في ثانيا النص الأدبي  وتقول د.أمينة زيدان :"لا شك أن الأدب في الحقيقة هو علاقة بين أطراف متعددة ، بين مبدع وبين مجتمع وبين نص ، والأدب هو علاقة جدلية بين هذه العناصر الثلاثة – هو توتر بين هذه العناصر"   ووفقا لذلك تمثل الومضات في كتاب الساخر في معجم المرأة مدي تأثر الكاتب بالمجتمع وعادته خلال صياغة معادلاته الفنية ولذا جاءت الكثير من الومضات شرسة في مهجمة المرأة.


صلاح شعير يناقش كتاب الساحر في معجم المرأة 


دور الأديب في الحراك الثقافي

بيد أن دور الأديب إن توقف علي سرد الوقع  دون أن يدلي بدوره في تحريك المياه الراكدة  لإزاحة العادات السالبة  يكون قد أخفق في مشروعه التنويري فالعلاقة بين الأدب والعلم وثيقة الصلة  بالمجتمع " إن اهتمام علم اجتماع الأدب أو علم اجتماع النص الأدبي بالعلاقة بين الأدب  والمجتمع يؤكد اهميتها ، ومن ثم تتاكد بالضرورة العلاقة بين الأديب ومجتمعه"    ومن هذا المنطلق تعد بديهيات العلوم هي عرص المشكلة لتشخيص العلة ووصف الدواء ، والعلاج الذي تقطره ريشة الأديب الحقيقي هو اقتراح الحلول حتي تطفوا المشكلة علي السطح.

وبصفة عامة  تعد خطورة النص فوق الورق في مساحة السطحية لدي المتلقي ، فالومضات الناقدة قد تأتي قوية في السخرية ، وتستقر في اللاشعور لدي أنصاف المتعلمين  كأنها حقائق ،ومن كثرة  التكرار تتحول إلي يقين دون تمييز ـ وهذا  يؤسس لثقافة العدون السلبي والمادي علي النساء ، وهذا الأمر محل سجال فقد يكون القياس علي تصرفات المتحزلقون فيه ظلم كبير للكاتب لآنهم سواءً قرؤا أو لم يقرؤا الومضات لا رجاء منهم .


إضطهاد المرأة ثقافة عالمية




لم يكن الكاتب بعيدًا عن البييئة  أو ثقافة العالم في السخرية من المرأة ، ولم يكن الشرق وحدها هو الذي يمارس هذا التميز ففي التراث العالمي تخضع المرأة لأبشع أنواع القهر المعنوي ويتضح ذلك من المثل الياباني :"الشيطان أستاذ الرجل وتليميذ المرأة" والمثل الروسي يقول :"المرأة تسعة وتسعون رأيًا في آن واحد" والمثل الإنجليزي يقول :"المرأة شعر طويل وعقل قصير" والمثل الألماني يقول:"ما لايقدر عليه الشيطان تقدر عليه المرأة" أذن في كل دول العالم  المتحضر قبل النامي الكل يقصف المرأة بكل الصفات وعند المساء يتهافت الرجال حول أريج أنوثتها وربما عبرت المرأة المصرية عن سيولة الرجل وهلامية مواقفه عندما أطللقت المثل التالي:" يا مأمنه للرجال يا مأمنه للميه في الغربال" وكانه ترد علي خالد إبراهيم من قبل أن يصدر كتابه الساخر في معجم المرأة بما يفيد أن حواء لا تتوقع الخير من أدام مادام  كالماء.

ومن هذا العرض سوف يتضح أن القصة الومضة ما هي إلا صورة من صور الأمثال الشعبية التي تطورت لتحمل الحكمة عبر منتديات التكنولوجيا والإنترنت بدلا من إطلاقها عبر جلسات السمر بالحارات والنجوع والقري والمدن.

دراسة نقدية / بقلم  صلاح شعير 

نشرت بالحوار المتمدن  بتاريخ 26 /8 /2015





تعليقات

تعليقان (2)
إرسال تعليق
  1. الكاتب المبدع الأستاذ صلاح شعير ..أشكر حضرتك جدا على الدراسة القيمة والرؤية العميقة لكتاب الساخر في معجم المرأة ولحضرتك كل التقدير وهي إضافة أشرُف بها من كاتب قدير مثلك وأرجو أن يكون الكتاب إضافة للمكتبة الإنسانية تعمل على إضافة كل الجماليات إلى حياتنا الإجتماعية والإنسانية.
    كل الشكر والمحبة والتقدير لحضرتك
    خالد إبراهيم أبو العيمة

    ردحذف

إرسال تعليق

التنقل السريع